/ صفحه 47/
وأن الشعور بالخطر الآتى من الخارج يدعو إلى التجمع والوحدة، والشعور بالانمن الخارجي قد يدعو إلى التهاون في هذه الوحدة، وقد مر بالمسلمين هذان الدوران وكان تفريطهم في الوحدة وإهمالهم للاجتماع نتيجة شعورهم بالأمن من أن يتسلط عليهم عدو خارجي، أما الآن فقد تغير الوضع وظهرت أمم على وجه البسيطة ذات قوة ومنعة، وهي وان كانت بعيداً عن مواطن المسلمين فهي قريب منهم بما أنشأه العلم الحديث من سرعة في المواصلات فأصبحت كأنها أو ليس بينهم وبينها الا قيد خطوات. هذه الأمم قد استولت على كثير من بلاد المسلمين، وأصبحت طامعة فيما لم تستول عليه فلابد أن ينتج هذا الوضع الجديد وضعاً آخر وتنصرف المقاومة إلى الخارج ولايحتاج الأمر إلا إلى تنبيه الأذهان ولفت الأفكار والضرب على وتر واحد وهو أن الأمم الإسلامية كلها أمة واحدة قد اشتركت في العواطف والميول والنظر إلى الحياة وتقديرها للأشياء بما اشتركت فيه من الدين، وهي فوق ذلك تشترك في الألم والجرح، مرضها واحد، وألمها واحد، وأسرها واحد وأغراضها في الشفاء والخلاص واحدة، وليس يجمع بين القلوب ويؤلف بين النفوس مثل الاشتراك في المصائب والاتفاق في الآلام.
قد قضى الله أن يؤلفنا اُلجر * * * حُ وأن نلتقى على أشجانه
كلما أنَّ بالعراق جريح * * * لمس الشرقُ جنبَه في عمانه
نحن في الفكر بالديار سواءٌ * * * كلنا مشفقٌ على أوطانه!