/ صفحه 63/
الحرية في الاسلام
لحضرة الكاتب الفاضل الدكتور محمد البهى
أستاذ الفلسفة في كلية اللغة العربية(1)
اذا درس الاسلام من أصوله - وهي القرآن والسنة الصحيحة - لا من تأويل ضعفاء المسلمين أو أصحاب الغرض منهم أو من غيرهم، وجدنا أنه هيأ مكاناً فسيحاً ((للحرية)) وأنه أنزلها في تعاليم وفي الاعتقاد به نفسه منزلة كريمة.
اذ أنه لم يفرق بين الانسانية والحرية. لان الطبيعة نفسها التي أوجدها الخالق جعلت الحرية مظهر الانسانية وخصيصتها التي يفرق بها بين الانسان وغيره من الكائنات في هذا الوجود. والاسلام نفسه ينادى بأنه دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
(الف) لم يضيق الاسلام في الدعوة الى مبادئة وتعاليمه على من دعاهم الى هذه المبادىء والتعاليم، ولم يقسرهم على الايمان به، بل وضع أمامهم آراءه في الوجود و في الحياة الانسانية على وجه خاص، وناشدهم أن يحتكموا فقط الى عقولهم الانسانية في الاخذ به، أو في رده ودفعه، ولكن في غير تحسيز في ذلك أو تأثر بالالف والعادة، أو بتوجيه سابق لفكرة معينة أو عقيدة خاصة.
طلب اليهم الاحتكام الى ((العقل العام)) في فحصهم لتعاليمه المبلغة اليهم والحكم عليها.