/ صفحه 67/
الحرية الفكرية في اليمن
في القرن الحادى عشر الهجرى
للاستاذ الفاضل القاضى محمد بن اسماعيل العمرانى
المدرس بدار العلوم العليا بصنعاء اليمن
-1-
لقد ظن كثير من العلماء أن العلوم الاسلامية قد ضعفت في العصور المتأخرة ضعفاً عظيماً، وأنه سادها الجمود وعدم الابتكار كما سادها التقليد بتحريم الاجتهاد المطلق في مسائل الشريعة المحمدية وأصحاب التقليد لاحد الائمة المتقدمين
ولا سيما في العصر العثماني الذي يبتدىء بالاستعمار التركى للعالم العربى في ربع
القرن العاشر وينتهى بالاستعمار الفرنسى الديار المصرية الذي أعقبه استقلالها عن
تركياً استقلالا ذاتياً، ثم كانت النهضة العلمية الحديثة الذي كان من أبطالها السيد
جمال الدين الافغانى وغيره من العلماء والمصلحين الذين قاموا بتنبيه الافكار الى
الحرية الفكريةو ترك التقليد للاسلاف في كل مسألة علمية بدعوتهم الاصلاحية.
هكذا ظنوا، لعدم وقوفهم على ما أنتجته أقلام علماء اليمن في العصر العثماني
الراكد، فهم في ظنهم معذورون، والواقع أن اليمن - وهي التي أنجبت السيد محمد بن
ابراهيم الوزير مؤلف ((ايثار الحق على الخلق)) ذلك المجتهد المطلق وأمثاله من
العلماء المستقلين - قد أنجبت في العصر العثمانى الراكد جماعة من علماء الاسلام
المجتهدين وفقهاء شريعته المجددين، ولا سيما في عصرها الذهبى الزاهر بعد أن تم لها
الاستقلال التام أيام الدولة القاسمية التي ولدت دعوتها في فجر القرن الحادى عشر
من الهجرة بهمة مؤسسها البطل الخالد الذكر (القاسم بن محمد بن على) والتي شبت
وترعرعت في بحر ذلك القرن نفسه عند ما تولى الامامة المتوكل على الله اسماعيل