/ صفحه 106 /
الأربعة السنية المعروفة، ولكنهم أصبحوا يتطلعون إلى آفاق أخرى، ومذاهب أخرى، وصار من تلك المذاهب مذهب الشيعة الإمامية، ومذهب الشيعة الزيدية، وأصبح من المألوف أن يقال الآن في قاعات البحث، وصفحات المحاضرات والدروس: المذاهب الستة، بدل المذاهب الأربعة.
الناحية الثانية: أن السماحة والإنصاف والهدوء العلمي أصبحت هي السمات التي يتسم بها بحث الباحثين في بحوث الخلاف، فبعد أن كان ذكر المذهب المخالف يقترن عادة بعبارات الاستنكار واللمز والتبرؤ، كأن الناقل يحكي كفرا، أو يقترف إنما، أصبح من المألوف أن يقال. هذا رأى المذهب الفلاني، ودليله يرجع إلى كذا، ولو أنه صح عنده كذا لما كان هناك خلاف، ونحو ذلك من العبارات القائمة على حسن الظن، وعلى التماس العذر، والحفاظ على أخوة العلم والدين.
وهذا الذي يقع في مصر، حيث المركز العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية، لا يقتصر على معهد أو معهدين، كاللذين ذكرناهما، وإنما يقع أيضا في بعض كليات الأزهر، وكليات الجامعة، التي تعنى بالدراسات الإسلامية، وقد وجد طريقه إلى طلاب هذه البحوث من معلمين ومتعلمين.
ثم هو لم يقتصر على علماء مصر ومعاهد مصر، وإنما تعداها إلى الشقيقات الإسلامية كلها، حيث يوجد رسل التقريب وأصدقاؤه في كل وطن إسلامي، ولا سيما في إيران، ولبنان، والعراق.
إننا نغتبط بهذا الروح الكريم، ونحييه في أصحابه والمستجيبين له، وننشر اليوم مقتطفات من محاضرات الأستاذ الكبير الشيخ الخفيف، مقدرين له فضله وعلمه وإنصافه، حامدين الله تعالى على أن وفقه إلى انتهاج هذا النهج القويم.
ومن الواضح أننا ننظر إلى هذه المحاضرات، وأساس الهدوء وإحسان الظن بالمخالف اللذين بني عليهما، ولا ننظر إلى التفاصيل الموضوعية، فيما عرض له من المسائل الخلافية، فلكل وجهة هو موليها: