/ صفحه 118/
تعقلون، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده، وأوفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلف نفسا إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون، وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون.))
خلاصة ما سبق في الكلام على ((الوصايا العشر)):
بّينا في العدد السابق أن هذه الآيات عرفت عند العلماء بآيات الوصايا العشر، وأن هذه الوصايا هي في حياة الإنسان منفردا ومجتمعا، عناصر حياة وقوة، وأركان أمن وسلامة، كما بّينا مبلغ تأثير هذه الآيات في نفوس العرب الذين التقوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يعرض نفسه على قبائلهم في منى، وكانت هذه الآيات مما تلاه الرسول عليهم، وكان مما قالوه في شأنها: فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. وتحدثنا عن أسلوبها الخاص الذي جاءت به، والذي لا نكاد نعرف شيئا من تعاليم القرآن وأحكامه نزل بمثله.
تكلمنا على كلمات: ((قل)) ((تعالوا)) ((أتل)) ((ما حرم)) ((ربكم)) ((عليكم)) وتتبعنا ما توحي به كل كلمة منها من وجوه العناية والاهتمام، والترفق في الخطاب، والمعاني الدافعة إلى الامتثال، كما تكلمنا على معنى ((تلاوة ما حرّم الله)) وهي قراءة الآيات المشتملة على الأشياء المحرمة، المتضمنة إياها، المرشدة إليها. وعرضنا بهذه المناسبة إلى أن للآيات في الإرشاد إلى المحرم طريقين: أن يذكر المحرم نفسه مقترنا بأداة النهي، كما في الوصية الأولى، وأن يذكر المحرم بذكر ما يقابله، كما في الوصية الثانية ((وبالوالدين إحسانا)) وأو ضحنا الحكمة في مجيء بعض هذه الوصايا على الطريق الأول، ومجيء بعضها الآخر على الطريق الثاني، وليرجع إليه من يريده.(1)
وتكلمنا على الوصية الأولى ((ألا تشركوا به شيئا)) وبّينا أن الشرك بالله غير إنكار الربوبية، وأنه هو الشرك الذي اهتم القرآن وجميع الأنبياء بمحاربته، وكانت دعوتهم موجهة في الكثير الغالب إلى توحيد الألوهية، وأنهم كانوا يتخذون إيمان

*(هوامش)*
(1) ص 15، 16 من العدد الأول من هذه السنة.