/ صفحه 136/
لا تؤدي ما كان يرجى لها من خير، لذلك جعل الإسلام هذه القواعد أبدية لا يجوز لأحد تغييرها أو التحكم فيها، فهي بمثابة القواعد الأساسية في الدساتير الحديثة التي لا يجوز لحكومة ما أن تغيرها أو تعطلها، وأخذ الله على العلماء القائمين عليها المواثيق المغلظة ألا يكتموها ولا يحرفوها ((إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)).
((أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)).
((لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)).
فإذا استجاب العلماء للسلطان، ومغريات السلطان كثيرة، فعنده المال والجاه ومتاع الدنيا وحظوظها، وعنده العذاب والتنكيل فمنه سيف المعز وذهبه دخل على الأمة من البلاء بقد ما يضيع العلماء من هذه القواعد العادية الحافظة للصلاح، والدارئة للفساد، وقد أشار إلى هذا عبدالله بن المبارك في قوله:
رأيت الذنوب تميت القلو ب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلو ب وخير لنفسك عصيانها
وما أفسد الدين إلا الملو ك وأخبارها سوء ورهبانها
يقول إنه لم يفسد الدين إلا الملوك وعلماء السوء، أولئك برغبتهم الجامحة، وهؤلاء باستجابتهم وعدم المحافظة على ما استودعوا عليه من صيانة الدين من التبديل والتحريف، ويتبع فساد دين الناس فساد دنياهم، لأن الدين جاء بقواعد العدل التي تصون مصالح الأفراد والطوائف، فإذا أضيعت هذه القواعد بضياع الدين، ضيع العدل بين الأفراد والطوائف، وإذا ضيع العدل ساءت الأحوال وفسد أمر الدنيا.
هذه الأمانة التي في أعناق العلماء إذن أمرها عظيم، وخطرها جسيم،