/ صفحه 161/
قال: نعم إلا إنه كان فقيرا ثم أثرى سمو حباب الماء حالا على حال. إنكم لمفتونون بالغرب إلى درجة أن عقولكم باتت مع عنقاء مغرب فإذا قال لك شيخك مثلا ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)) وكشف لك عما يتضمنه هذا القول المأثور من معان دقيقة فإنه لن يثير منك ما يثيره قول ((مسيو كابيتان)) إن عدم إباحة الطلاق قد يشقي اثنين من الآدميين شقاء دائما، في حين إن الطلاق قد يسعد أربعة منهم سعادة دائمة، أو قول ((مسيو نامبروت كي)) يبدو أن تعدد الزوجات نظام فطري إذ يلاحظ أن المخادنة السرية تكاد تكون عامه في البلاد التي يمتنع فيها التعدد: قلت: إنه لجد طبعي أن نقابل بالإجلال والإعظام كل كلام يأتي من الغرب فالقوم قد سبقونا ولا غرو أن المتخلف يلهث في أعقاب المتقدم.
قال: والله يعلم أننا ما تخلفنا إلا لأننا افترقنا.
قلت: ولكنكم لا بد ملاحظون أن الوطنية قد انبعثت في كثير من الأمم الاسلامية.
قال: ما دامت أمما بصيغة الجمع فلا انبعاث فالإسلام ذاته هو وطن المسلمين أيا كان الأقليم أو الأقاليم التي يحلونها. ((قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالو ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)) فوطن المسلم هو حيث يستطيع أن يكون حرا عزيزا، وأرض الله واسعة وفيها لمن شاء مراغم كثير ألا وإن انبعاث الوطنية في الأمم الإسلامية لهو إحساسها ضلال هذه التسمية فهي أمة واحدة تفرق بنوها من بعد ما جاءتهم البينة.
قلت: أولئك أهل الكتاب تفرقوا من بعد ما جاءتهم البينة.
قال: ونحن على آثارهم أهل كتاب تفرقنا من بعد ما جاءتنا البينة ففشلنا وذهبت ريحنا:
قلت: لعل الله محدث أمرا، ولعل الجامعة الاسلامية تجمعنا.
قال: وتلك المنى لو أننا نستطيعها، والموجع أننا مستطيعون لو أردنا، أفترانا لا نريد؟ وإذا كنا لا نريد أو في الأقل ضعفت منا الإرادة افترانا نستحق شرف الانتساب إلى الإسلام؟