/ صفحه 201/
في تلك الأقطار، إلا أن الوثائق من عهد السلاطين السلجوقيين لا تزال بعضها مطمورة تنتظر من يعكف عليها ويستفرغ الجهد في فحصها ونشرها ليلقي الضوء على ما غمض من تاريخ هذا الجزء من حوض الدانوب.
وبما أن معظم المسلمين في البلقان من أصل سلافي (في يوغوسلافيا وبلغاريا) فإنه يجدر بنا قبل تناول مسألة انتشار الإسلام بين السلافيين الجنوبيين بشيء من التفصيل أن نشير إلى بدء اتصالات العرب بالشعوب السلافية عموما، وإلى تطور علاقاتهم بالسلافيين الجنوبيين خصوصا.
لقد كان العرب على علم بالشعوب السلافية، وكانوا يسمونهم باسم ((الصقالبة)) وهو اسم معرب استعاروه من البيزنطيين، وكان يشمل عندهم كثيرا من الشعوب غير السلافية، وإذا صرفنا النظر عما نسب إلى النبى عليه الصلاة والسلام من أنه قال: ((ولد ياغث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم)) لضعفه أو وضعه، فإن أقدم مصدر عربي معروف ورد فيه هذا الاسم هو شعر الأخطل الشاعر العربي الهجاء (المتوفي سنة 95 هـ - 713 م) وأما السلافيون الجنوبيون فأول من ذكرهم من المؤلفين المعروفين هو أحمد بن فضلان في تقريره المفصل عن رحلته إلى أمير البلغار على نهر فولغا بأمر الخليفة العباسي المقتدر بالله سنة 921 م، وقد ورد نص ذلك التقرير في كتاب ((معجم البلدان)) لياقوت الحموي (توفى سنة 1229 م).
وبما أن هذا التقرير يشتمل على أخبار مهمة عن الروس وغيرهم من السلافيين، فقد نشر المتشرق الروسي ((فران)) نصه مرفقا بنصوص ما كتبه سائر المؤلفين العرب عن قدماء الروس، مع ترجمة كل ذلك إلى اللغة الألمانية (بتروغراد 1823) والأخبار عن السلافيين الجنوبيين نجدها أيضا في تقرير إبراهيم بن يعقوب، وهو يهودي من اسبانيا، أوفده الخليفة الأندلسي حكم الثاني (961/973) إلى مقر القيصر الألماني أوتون الأول الكبير (936/973) في مرسبورغ بمقاطعة ساس في ربيع سنة 973 (أو سنة 965 كما يقول بعضهم) ومن هنالك قام ابن يعقوب برحلة إلى تشيك وبولندا وروسيا وهنغاريا وكرواتيا وإيطاليا، وقد أورد