/ صفحه 220/
فيه الاجتهاد يحترم ويقدر. والفقه الذي بين أيديكم قلما يوجد فيه رأي لا يكون له مثيل في مذهب آخر…
وقد استعرض ما تضمنه الكتاب وتحدث عن المؤلف ومنزلته، وعن الكتاب وشروحه، وعن مصادر الأحكام عند الإمامية فبين أنها الكتاب والسنة والإجماع والعقل، كما بين السبب في رفضهم للقياس وعدم أخذهم به، ثم رأى أن المجال - في مثل هذه المقدمة - لا يتسع لإعطاء فكرة كاملة عن مذهب إسلامي يعد فقهه ثروة عظمى إلى جانب ما لعلمائه من ثمرات إنتاجية في شتي علوم الدين، ثم قال:
وإنه لجدير بالباحثين في علوم الشريعة أن يعطوا مزيدا من العناية لهذه الكتب فإن الفكرة الإسلامية في أي مذهب هي ملك المسلمين جميعا، لا لأصحاب هذا المذهب فحسب.
((ثم إن هناك مبدأ علمياً هاما متفقا عليه بين الباحثين الراسخين، ذلك هو أن الإنصاف والأمانة العلمية، تحتمان على الباحث أن يستقى ما يريده من المعلومات من مصادره الصحيحة، وإنه ما دامت المراجع المعتمدة لمذهب ما ميسرة، فلا يسوغ الرجوع إلى غيرها، ولا سيما إذا كانت تستند إلى الشائعات، أو تصدر عن عصبيات، وإنه لمن الخير أن يطبق أهل العلم في كل مذهب هذا المبدأ، وعندئذ يستجلي لمن يدرس مذهب الإمامية ويعرف آراءهم من الواقع الماثل أمامه، أي خير وأي علم في هذا المذهب، ثم يتجلى له مدى التجني الذي ناله من المتحيزين أو المتعصبين عليه، حتى خلطوا بين الغلاة الذين ينتحلون وصف الشيعة، وبين الشيعة أنفسهم الذين يبرءون إلى الله منهم، ويحكمون بكفرهم.
وكم من كتب خلطت بين الشيعة والفرق البائدة التي لا وجود لها إلا في زوايا التاريخ، أو في تفكير المتحيزين.
إننا معشر المسلمين إذا تمسكنا بهذا المبدأ في كتاباتنا وبحوثنا، فإنما نخلص للحقيقة، ونساعد على أن يزدهر هذا الميراث الثقافي الإسلامي ازدهارا يجعله موضع أنظار العالم الحديث، كما كان موضع أنظار العالم القديم، وإننا بهذا لنخطو خطوات