/ صفحه 228/
والعروبة جنسية قامت على الدماء والقربى والوشائج الطبيعية التي ربطت الجار إلى الجار، والدار إلى الدار، وقربت بالعمومة والخؤولة، ولكن وراء ذلك، رابطة أخرى هي الروح في كل ذلك، وهي أشد حصانة، وأكبر مناعة، وأصبر على المقاومة والنضال، تلك هي رابطة الإسلام.
أنها هي الحبل الذي جمع إلى الآن، وأمسك إلى الآن، ودرأ إلى الآن، وقد مرت قرون وأجيال، ودالت دول وأحكام، فما وهن هذا الحبل ولا رث، ولا قدرت عليه القدر.
إنها هي التي جعلت شعوبا لم تجتمع بالجنس ولا باللغة ولا بالموطن ولا بالمصالح، متماسكة متفاهمة متآلفة، وإن حاولوا في ظروف كثيرة فصم عروتها، وإفساد مودتها.
إنها هي التي جعلت دماء أخرى لا تأبى أن تمتزج بدماء العروبة، وقلوبا أخرى لا تفتأ تخفق بحب العروبة.
أنها هي التي تشد إلى العروبة: الصيني، والإيراني، والهندي، والملايوي، والإندونسي، والباكستاني ومن سواهم، وإن لم يكونوا عربا عاربة ولا مستعربة.
إنها رابطة شائعة في العالم، ليس لها وطن محدود يمكن أن تحاصر فيه، لأنها منبثة في الشرق، وفي الغرب، وفي الشمال، وفي الجنوب، يمدها كل ما يحييها، وينشطها ويقويها من الصلوات الجامعة، ومن الأذان، ومن الحج والعمرة، ومن القبلة، ومن الثقافة المشتركة، ومن الإيمان.
إنها هي القوة التي لا يمكن اكتساحها، ولا يؤمن حربها، فلتتخذ منها ((القومية العربية)) حصنها الحصين، وركنها الركين، وإنها لمنصورد بإذن الله.