/ صفحه 230/
والميزان بالقسط، لا تكلف نفسا إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون. وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)).
الوصية الرابعة:
تكلمنا في هذه الوصايا العشر، عن الوصية الأولى: ((ألا تشركوا به شيئا)) وعن الثانية: ((وبالوالدين أحسانا)) وعن الثالثة: ((ولاتقتلوا أولادكم من أملاق نحن نرزقكم وإياهم)) وننتقل الآن إلى الوصية الرابعة: ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)).
والفواحش: جمع فاحشة، والفاحشة: اسم لكل ما عظم قبحه، واستقرت في نظر العقول السليمة والفطر التي لم تدنس، بشاعته. ومن شأنها أن الشرائع الإلهية تنكرها وتمقتها، وتنهى عنها، وترد الفطر إلى استقباحها، صيانة للأفراد، وحفظا للمجتعات من آثارها السيئة التي تفسد على الإنسان عقله وخلقه، وتودي بحياته الفاضلة، وتصرفه عن طريق الكمال الإنساني الذي كرِّم به في هذه الحياة، وحفظ له مكانته في الخلافة الأرضية وعمارة الدنيا على الوجه الذي يكثر خيره، ويعظم نفعه، ويتسم بسمات الرحمة لعباد الله. وكثيرا ما يردُّ القرآن تحريم الأشياء وتحليلها إلى ما يكون لها من آثار سيئة، أو آثار حسنة، فهو يقول: ((يحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث)) ويقول: ((يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر)) ويقول: ((فإنه رجس)) ويقول في الخمر والميسر: ((رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكرالله وعن الصلاة)) ويقول: ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول)) ويقول ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)) ويقول: ((أحل لكم الطيبات)) ويقول: ((لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم)). وهكذا لا نكاد نجد في القرآن تحريما لشيء أو تحليلا لآخر، إلا وقد ربطه الله بما فيه