/ صفحه 239/
قتلها في هذه الحال قتلا بحق، غير محرم ولا منهي عنه.
وقد جاء في القرآن مما يزيل عن النفس حرمتها ويبيح قتلها، قتل النفس عمدا، وهو المذكور بقوله تعالى: ((يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى)) وقوله: ((ولكم في القصاص حياة)) ومحاربة الله بالإفساد في الأرض وهي المذكورة بقوله تعالى: ((أنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض)) وهاتان حالتان ذكر حكمهما في التشريع لجماعة المؤمنين، وهناك حالة ثالثة، وهي حالة اعتداء الكفار على حقوق الإسلام والمسلمين، وهي المذكورة بمثل قوله تعالى: ((فأن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا)) وهذا تشريع للمسلمين بالنسبة للكافرين المعتدين.
وهناك حالات أخرى وردت بها أحاديث، وارتآها بعض العلماء تسلب النفس الإنسانية حرمتها وتبيح قتلها، غير أنها لم تنل إجماع العلماء على هذا النحو الذي نالته تلك الحالات الثلاث ((الاعتداء على النفس. الاعتداء على النظام العام. الاعتداء على جماعة المسلمين)).
ومن تلك الحالات: زنا المحصن، وترك الصلاة، ومنع الزكاة، وارتكاب الفاحشة مع الجنس، والسحر الذي يفرق بين المرء وزوجه، وربما يذكر في كتب الفقه أكثر من ذلك.
ويهمني في هذا الموضوع لفت الأنظار إلى مبدأين:
أحدهما: أن حرمة النفس الإنسانية أصل متيقن بنصوص قطعية لا شبهة في ثبوتها ولا في دلالتها.
ثانيهما: أن مثل هذه الحرمة النفس لا يمكن أن تنسلخ عن محلها إلا بسبب يتيقن صدوره عن ذلك المحل، وأن يكون ذلك السبب مقطوعا بورود النص في أنه مسقط للحرمة ومقطوعا بدلالة النص على ذلك. وإذن فالأسباب التي لم يتيقن صدورها