/ صفحه 241/

الخلق الإسلامي
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهره
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
-3-
1 انتهينا في مقالنا السابق إلى ذكر مقام اللسان في الخط المستقيم الذي ابتدأ بالإخلاص فأشرق بنور الحكمة، واتضح ببيان اللسان، وأنه إذا استقامت النفس فأخلصت، واللسان فنطق بالحق، والقلب فأشرق، وجد الإذعان، ومع الإذعان للحق يكون الإيمان، فإنه لا شك أن استقامة اللسان وتعوده الصدق في القول، وتعود الصدق في النظر، كل هذا من شأنه أن يجعل الإنسان خالصا للحق لا يتململ إن وجدت دواعية، ولا ينكص إذا وجدت بنياته.
ولذلك كانت النقطة الثانية من الوسط التي تتقارب من طرف الكمال، أو هي مناط المال في ذاته - الإيمان الذي ينشأ من الإذعان للحق أيا كان مصدره، وأيا كانت داعيته، فالإيمان بالحق لا يتبع الداعي، ولا يتبع المنادي، ولكن يتبع البينات التي تثبته، والأمارات التي تقوم عليه، والهداية إلى الطريق المستقيم التي تنبثق من نور الدليل أو البرهان الذي هو ميزان العقول، وعاصم الأفهام.
2 وأنه أذا كان الإيمان بالله أسمى ما يصل إليه العقل من إدراك، والإيمان با لأخلاق الفاضلة أسمى ما تصل إليه النفس الإنسانية من نزوع اجتماعي، فإنه لا بد لهذا الإيمان من قلب لم يغلف عن الحق، ولم يحل حائل بينه وبين أن يدرك، ولم ينله صدأ بالترهات الفاضلة، وترداد الأقوال من غير فقه لمعناها، وإدراك لمرماها، وإن صدأ القلب ينشأ من ثلاثة عناصر، أولها: فقدان الإخلاص وسيطرة الهوى وتحكم الشهوات، وثانيها: فقد اللسان خاصة الصدق، وثالثها: كثرة المراء