/ صفحه 250/
لأبعد منهم، فأستعين بالقريب على البعيد، وبالبعيد على الأبعد، ولقد يلجأ إلى ذوي الأحقاد فيدفع بهم من هو أشد حقدا وأنكى ضررا.
فما أحراكم أيها العرب، وما أحراكم أيها المسلمون أن يغض بعضكم عن بعض، وأن تتناسوا العداوة والأحقاد، لأن وراءكم من هو أشد حقدا وأنكى ضررا، يتربص بكم الدوائر، ويترقب الفرقة والاختلاف ليثب وثبة الليث فلا يبقى ولا يذر، وليس لكم من وزر إلا أن يلجأ بعضكم إلى بعض لتدفعوا العدو المشترك الذي هو أنكى من كل عدو.
إن الأمر خرج من أن يكون عونا لإخوانكم إلى أن يكون عونا لأنفسكم، وإن المسألة ليست مسألة أخلاق قد تأخذونها وقد تدعونها، إنما هي مسألة بقاء، وقد جبل الوجود كله على تلمس البقاء والحرب في سبيله.
أيذهب العرب يلتمسون الوحدة والاجتماع فإذا هم يرجعون بالقرقة والاختلاف يعودون شرا مما كانوا، فلقد كانوا والماضي مغطى لا ينبشه أحد، والخروج ملتئمة يتحاماها الناس لئلا تنكأ، فعادوا والجروح قد نكئت والماضي قد نبش، فإلى متى تفرقون الشمل في سبيل جمع الشمل، وتضيقون الوحدة والوفاق في سبيل الوحدة والوفاق.
إن الأمم القوية تسعى إلى التكتل بكل وسيلة، فتبحث عن أمه بينها وبينها أدنى سبب وتجعل منه رباطا قوياً متينا، فما بالكم وأنتم بينكم روابط ووشائج وأسباب بينكم رابطة النسب ووشيجة اللغة، وسبب الإسلام تقطعون وشائجكم وروابطكم وأسبابكم، ولو لم تكن بينكم هذه الوشائج لكانت بينكم وشيجة لها حرمتها وهي أنكم مشتركون في الظلم، مبادءون بالعدوان، والمظلوم ولي المظلوم، وكل غريب للغريب نسيب.