/ صفحه 332/
إن هذا الفقه الإمامي قد وجد صداه في مصر بلد الأزهر، ووجد ترحيبا من أهل العلم والنظر، لا لأنهم وجدوا فيه ما ليس عندهم، ولا لأنهم وافقوا على كل جزئية فيه، ولكن لأنهم وجدوا روحه من روحهم، وأصوله من أصولهم، واستمداده من المصادر التي يحترمونها، وطريقته التفكيرية هي الطريقة التي يعهدونها في العلم المستمد من كتاب الله وسنة رسول الله والرواية عن أئمة العلم وأصحاب الفتوى الموقعين عن رب العالمين، فإذا كان هناك اختلاف فهو اختلاف الرأي مع الرأي، والنظر مع النظر، لا اختلاف الشذوذ عن سبيل المؤمنين، ولا اختلاف التنكر لأصول الإسلام - وشتان بين اختلاف الحجاج، واختلاف اللَّجَاج!
وكان من الطريف أن نرى عالما أزهريا يتصفح الكتاب فيرى فيه حكما فيقول هذا موافق للشافعي، وهذا موافق للمالكي، وهذا موافق للحنفي؛ وأن آخر يقول: يا ليت الذين طبعوا هذا الكتاب يطبعون كتابا أوسع منه نرى فيه أسلوب المناقشة، ووجوه الاستدلال، وأن ثالثا يعجب بالأسلوب القوي، والبيان العربي الجلي، الذي يظهر في هذا الكتاب، وأن رابعا يتساءل: متى يطبع القسم الثاني منه، وأن آخرين ينقدون ويناقشون ولا يرضون القول بكذا، أو إباحة كذا، ثم يبدءون يستاءلون عن الأدلة ووجوه الاستنباط، فينقلب الأمر إلى ندوة بحث، ومجلس علم، ودرس مقارنة.
وقد استطاع بعض أساتذه الشريعة في إحدى كليات جامعة القاهرة، أن يحصلوا على عدد نسخ منه، وأن يجعلوها مكافات تشجيعية للطلاب والطالبات، فانتهى الأمر إلى أن الآخرين جعلوا يطلبون الكتاب، ويحرصون على اقتنائه ودراسته.
أما المكتبات العامة والخاصة فلا نكاد نعرف مكتبة منها لم يصبح هذا الكتاب من بين زادها الفكري الذي تيسره للراغبين، وتهيئه للباحثين، ومن بين ذلك مكتبة الأزهر الكبرى، ومكتبات جامعات القاهرة، والإسكندرية، وعين شمس، ودار الكتب المصرية، ومكتبات المعاهد الدينية التابعة للأزهر في الأقاليم.