/ صفحه 363/
عن المظاهر الحسية للفخار والاختيال، فقال تعالى: ((ولا تمش في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض، ولن تبلغ الجبال طولا)). ووصف المؤمنين في مشيتهم بأنها مشيةلا اختيال فيها، فقال تعالى: ((وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)).
وإنه من المؤكد لا يكون مع الكبر وأخواته أي مودةواصلة، بل تكون نفرةقاطعة.
10 هذا هو العنصر الأول، والعنصر الثاني من حصن المودة هو البر بالناس، يبدأ البر بأقرب الناس إلى الشخص يبتدىء من أبويه ثم أقاربه ثم جيرانه، ثم عشرائه من الناس وزملائه في العمل، والبر بالغير معناه وصله بالمحبة والعطاءإن توافرت أسبابه، ووجدت موجباته، وقد أمر الإسلام بالبر حتى بالمخالفين له في الدين، فقال تعالى: ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين)).
ولقد علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن قريشا قد أصابتهم مجاعة، وكان ذلك في مدة صلح الحديبيةفأرسل مع حاطب بن أبي بلتعةإلى أبي سفيان بن حرب خمسمائة دينار ليشترى بها قمحا، ويوزعه على فقراءقريش.
والعنصر الثالث هو الرحمة، وهي معنى له عموم يشمل كل عناصر الخير، ويشمل مقاصد النظم والشرائع ولذا قال تعالى: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)). وهذه هي الرحمة العامة، وهي تتلاقى في معناها مع العدل والمصلحة.
أما الرحمة الخاصة فهى الانبعاث النفسي بالعطف على من يستحقه من غير أن يكون في ذلك تشجيع لإثم أو حمايةلإثم كرحمةالأقوياءبالضعفاء، ورحمة الأغنياء بالفقراء ومظهر ذلك إزالة الكرب، وإغاثة الملهوف، وإن ذلك قد حث عليه الإسلام ودعا، ولقد قال (عليه السلام): ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).