/ صفحه 365/
وإذا صرفنا النظر عن قول هذا العظيم، وقول كثير غيره من العلماء بأنه كلما تابعنا السير في طريق العلم كلما ازددنا إيمانا بالله وبالدين، إذا صرفنا النظر عن ذلك كله فلا يمكن بحال أن نصرف النظر عن القول بأن العلم - أي التجربةو المشاهدة- لا يتعرض لمسائل الدين سلبا ولا إيجابا، فكما أن الطب لايتدخل في الهندسة وشئونها، كذلك العلم لا يتدخل في شئون الدين نفيا ولا إثباتا.
إذن لا يصح بوجه من الوجوه أن نستدل بالعلم على فساد الدين.
السؤال الثاني: هل أسباب المعرفة تنحصر في المشاهدةو التجربة، بحيث لايحق لأحد أن يؤمن بوجود شيء إلا بعد أن يراه ويلمسه؟
لا أظن أن أحدا يلتزم بهذا حتى مصطفى محمود والذين يقولون بأفواههم إننا لا نصدق إلا العيان والمشاهدة، بل إن هؤلاء يؤمنون ويتحدثون عن أشياء وأشياء كأنها جزء منهم، مع أنهم لم يروها ولم سلمسوها، وهذا العقل، وهذه الذرة والجاذبيه والألكترون، والحركة الدائبة في الحجر الأصم والصخرة الجامدةكلها حقايق يؤمن بها العلماء، ويبنون عليها آراءهم ونظرياتهم وأعمالهم، مع أنه ما من عالم رآها بالذات.
إذن ليس من الضروري لنؤمن بشيء ان نراه رأى العين، فقد نؤمن بما نراه استنباطا واستنتاجا من المعقولات، وقد لا نؤمن بما نراه رأى العين احتراسا من خداع العيون.
كان علماءالطبيعة قبل تفجير الذرةيقولون: إن الجوهر المادي لا يمكن أبادته، وبنوا قولهم هذا على أو طد أسس التجربةالمحسوسة، ولكنهم بعد تفجير الذرةقالوا: إن المادة تتلاشى وتزول، وإذا وجب أن نظرح حكم العقل، لأنه يخطيء في بعض الأحيان وجب أيضا ألا نأخذ بالأفكار التي تأتي نتاجا وانعكاسا للتجربة والنشاط العملي.
السؤال الثالث: هل في مقدو ر العلم أن يخلق مادةحية لها من النمو والحركة ما لأحط الأحياء؟ هل يستطيع العلماء أن يخلقوا نملةأو نحلة لها فطرةالكدح