/ صفحه 370/
ويلاحظ عليه بأن الوجود موجود صحيح، ولكن القول بأن الموجود قديم لا أول لأوله، كالقول بأنه حادث له أول وآخر، كلاهما يحتاج إلى دليل، عينا كمسألة البيضةو الدجاجة، فالادعاء بأن البيضة أصل ليس بأولى من الادعاء بأن الدجاجة هي الأصل، ولا يتعين أحدهما إلا بدليل.
ولا أدرى كيف جزم وحكم مصطفى محمود بأن قدم الوجود بديهي، مع أنه - أي مصطفى محمود - لا يؤمن إلا بالحس والمشاهدة؟! وإذا دل هذا التهافت على شيء فإنما يدل على أنه لا مناص من اللجوء إلى الاستنباط، لإثبات كثير من الحقائق، ومنها وجود المدبر الحكيم لهذا الكون الرائع، ونظامه العجيب، ومن رفض الاستعانةبهذا الدليل، وأبى إلا الاعتماد على المشاهدة وحدها فلا بد أن يقع في الخطأ الذي وقع فيه صاحب كتاب: ((الله والإنسان))، وهو الحكم بغير دليل، لا من المشاهدة والتجربة، ولا من العقل والاستنتاج، لا بد أن يصيبه ما أصاب الغراب من أضاعة المشيتين.