/ صفحه 421/
محمد محمد المدني
القرآن الكريم
وقضية البعث
(ا) عناية القرآن:
1 إن العقائد التي يفرض علينا الدين أن نؤمن بها ما هي إلا حقائق ثابتة في نفسها لها وجود واقعي، وهي تفترق في هذا عن المباديء والأحكام التي هي من قبيل الإنشاء، والتي تشرع للناس بعد أن لم تكن، وتتغير بتغير الزمان والمكان، وتقبل النسخ في عهد الرسالة.
وإذا أردنا أن نعبر عن هذا المعني بالتعبير الفني المستعمل في علم أصول الفقه فإننا نقول: إن العقائد من باب الأخبار، وبالأخبار لا تقبل النسخ، ومعنى كونها من باب الأخبار أن الشارع لا ينشئها ولكن يخبر بها، ويحدث عنها، ويكشف للناس عن واقعها وحقيقتها، وإنما كانت غير قابله للنسخ لأن النسخ هو الإبطال والإزالةو رفع الحكم الأصلي، والحقائق لا تزول ولا تبطل ولا يمكن رفع حكمها.
ويأتي بعد ذلك دور التكليف بها، وإيجاب اعتناقها على جميع المكلفين.
وإذن فالعقائد يتصل بها حكمان: حكم طبيعي أو عقلي، وذلك هو ثبوتها في نفسها وتقررها في واقع الأمر وعدم قابليتها للإلغاءو الإبطال، وحكم تكليفي فقهي هو كون الإيمان بها بعد انكشافها وتبين واقعها واجباً على كل مكلف.
2 والحقائق الثابتة في نفسها كثيرة في هذا العالم الذي نعيش فيه، وفيما وراءه، وليس من شأن الدين ولا من غرضه الذي يرمي إليه أن يعرف الناس بكل