/ صفحه 431/
((سبحانه وتعالى عما يصفون)) - وأن الحكمةإنما تتحقق حيث يكون الخلق ابتلاء واختبارا، يعقبه بعث للحساب والجزاء.
واقرأ في ذلك مثل قوله تعالى:
((ولله ما في السموات والأرض ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى)).
وانظر معنى اللام في قوله ((ليجزى)) وربّط هذه الغاية بكون العالم مملوكا له جل وعلا، فإن هذا ينبيء عن فكرة الرد عليهمه كما أوضحناها.
ثم اقرأ قوله تعالى: ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ترجعون)) فقد بين جل شأنه أن الخلق الذي يوكل إلى نفسه دون رجوع إلى مالكه، إنما يصدر عن العبث، تعالى الله وتنزه.
اللون الثالث: من ألوان الإنكار لقضية البعث والجزاء، هو إنكار المعاندين لجاجا ومكابرة بعد وضوح الحجة، فيقول المنكر: لا أصدق هذا، ولا أقبله مهما قيل فيه، أو يقسم على نفيه، أو ما إلى ذلك من ألوان الإنكار عن لجاج وعناد.
وموقف القرآن الكريم من هؤلاءالمكابرين أنه يجابههم بالدعوةو يكررها عليهم مرة بعد مرة، ويقسم عليها في مقابلةقسمهم، ويصور لهم يوم القيامة وأهواله كما لو كانوا يشاهدونه تخويفا لهم وإرهابا.
ومن ذلك قوله تعالى:
((زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا، قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم)).
((وأقسموا بالله جهّد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، بلى وعداً عليه حقا، ولكن أكثر الناس لايعلمون)).
((ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم، ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تصور أهوال القيامة، وحيرة الكافرين، واعترافهم بعد رؤية العذاب المبين)).