/ صفحه 6/
الاخر. ومنهج الوحي المدني حينما صاروا أمة ذات نظام خاص، وتشريع خاص، وحياة لها شعارها الذي يميزها عما سواها.
وكذلك وازنا بين سورة الأنعام، وبين سور أخرى مكية اشتركن معها في الافتتاح بإثبات الحمد لله، واستحقاقه وحده الثناء والتقديس.
وكذلك وازنا بينها وبين سورة الأعراف التي تأتي بعدها في الترتيب المصحفي، ومنها ظهر ان منهجها فاصلة في الدعوة إلى أصول الدين، يخالف منهج سورة الأعراف في تلك الدعوة؛ فهي تعتمد الحجة والتوجيه العقلي إلى النظر في الكائنات: أرضها وسمائها، ونباتها وحيوانها؛ والأعراف تعتمد على ذكر المثلات الماضية والتحذير من عاقبة التكذيب التي أصابت الأمم السابقة.
ثم عرضنا صورة إجمالية للخطوط الأولي التي سلكتها في الدعوة إلى القضايا العالمية الكبرى، قضية توحيد الله في الخلق والإيجاد، والتدبير والتصرف، وفي العبادة والتقديس وفي التحليل والتحريم، وقضية الوحي والرسالة، وما أثاره القوم حول رسالة محمد (عليه السلام)، من الشبه التي كانوا يقصدون بها صد الناس عن الإيمان برسالته، وقضية البعث والجزاء، وهنا عرضنا على سبيل الاستطراد إلى جملة من أساليب القرآن في البرهنة على تلك العقيدة.
وأخيرا، عرضنا لشيء من تصرفات القوم في التحليل والتحريم في الزرع والحيوان، على حسب الأهواء والشهوات، التي كانت تمليها عليهم وثنيتهم الضالة، وتدينهم الفاسد.
وعرضنا للشبهة العالمية التي تتراءى للناس في كل عصر وفي كل مكان، من جهة مشيئة الله للشرك والمعاصي، وتجريدهم إياها في وجه من يدعوهم إلى الإيمان والطاعة، وهي التي ذكرها الله تعالى بقوله ((سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء)) وبينا جهات الرد عليهم التي تضمنتها الآيات.
هذا مجمل ما عرضنا له في الأعداد السابقة تصويراً لما اشتملت عليه سورة الأنعام.