/ صفحه 94/
ألا يعطونا حقوقنا، ويغلب على الظن أنهم يعتبرون أنه ليست لنا حقوق على هذا الأرض.
هذه الحياة الناعمة لهم يجب في نظرهم أن تكون خشنة لدينا، هذه الحياة السهلة السائغة في بلادهم يجب في نظرهم أن تكون صعبة علينا في بلادنا.
* * *
ولعل القاريء يدرك لماذا ذكرت بائع العصافير من الأسكندرية والليمون من القاهرة والقشدة من تلك المحطات الواقعة في العراق العربي على طريق البصرة، ثم لماذا ذكرت بعد ذلك الخادمة الفرنسية في هذه الضاحية من ضواحي باريس وتلك البلجيكية في قلب باريس، تلك التي أصرت أن تأخذ أجرا حتى على الكلام.
لماذا ذكرت تلك الصور المتتابعة من الماضي مما علق في ذهني في تلك الساعة التي أكتب فيها، ولعلي في محاولتي في مقالي السابق الذي وضعت فيه شيئا عن حقيقة مواردنا الزراعية والمعدنية من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي، وخرجت منه أننا الأغنياء وان أهل الغرب هم الفقراء ثم محاولتي اليوم في وصف حياة شعوبنا وحياة شعوبهم أنهم المنعمون ونحن المحرومون، لعلي في كل هذا أضع الخطوط لصورة أنا أحاول أن أطبعها في ذهني وفي ذهن القاريء - هذه الصورة التي أحاول أن أقارن فيها بين ما تمتلكه شعوبنا من موارد غنية وما هي عليه من الفقر ورقة الحال - هذه الصورة ما زال يكتنفها الغموض ولعلنا نحاول بمتابعة البحث أن نزيدها وضوحا وأن نعرف من هم المسئولون عن هذا الوضع وعن هذا التناقض في وجود بلاد غنية بمواردها كانت سيدة الزمان ولكن أهلها اليوم فقراء - فقراء في العلم - فقراء في الفن - فقراء في طعامهم ولباسهم وطريقة معيشتهم - وفي هذا إنما ننحدث عن غالبية العالم الإسلامي وعن غالبية سكان الشعوب العربية يستوي في ذلك المصري والعراقي كما يستوي السوري والأردني كذلك أهل الحجاز وشما ل أفريقيا وسيكون للبحث بقية لنرى ما هي أحسن السبل لكي تعيش أم الجيمر وبائع العصفور وكذلك بائع الليمون كما يعيش زميله في بلاد الغرب.