/ صفحه 151/
الإسلام والثِّقة بالإنسان
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنية
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
ـــــ
قال الشيعة والمحققون من الأشاعرة: إن أحكام الشريعة الإسلامية تتبع المصالح والمفاسد في نفس ما تعلقت به من الأعمال، فالأمر بالشيء يدل على حسنه والمصلحة في فعله، والنهي عنه يدل على قبحه والمفسدة في ارتكابه. وقد جاء في الحديث الشريف: " ما من شيء يقربكم من الجنة، ويبعدكم عن النار الأوقد أمرتكم به ". فالإسلام يفترض هذا، ويفترض أيضاً الخير والنية الصالحة فيمن شرعت الأحكام لأجله، فهو يثق بالإنسان وضميره كل الثقة، ويفسر أقواله وأفعاله بما لا يشينه ويحط من قيمته كإنسان برئ، أو قل يغلب فيه نواحي الخير على الشر حتى يستبين غير ذلك. ونسوق فيما يلي بعض الأمثلة من الشريعة الإسلامية على هذه الحقيقة:
1 ـ إذا أجرى إنسان معاملة من بيع أو إيجار أو هبة، وما إلى ذلك، أو أدى عبادة كالصوم والصلاة والحج، وشككت هل وقع عمله صحيحاً على الوجه المطلوب، أو فاسداً يفقد بعض ما يعتبر فيه من الأجزاء والشرائط، إذا كانت الحال كذلك فعليك أن تحمل معاملاته وأفعاله على الصحة حتى يثبت العكس، وعلى مدعى الفساد عبء الاثبات، وإذا صدر منه قول أو فعل، ولم تدر هل قصد به خيراً أو شراً فلا يسوغ لك أن تحمله محملا سيئاً، مثال ذلك: لو مر بك شخص، وسمعته يتكلم بشيء، ولم تدر هل كان سلاما أو شتما فليس لك أن تفسره بالشتم، كما أنه لا يجب عليك رد التحية، لأنك لم تتأكد من وجودها، أما لو تيقنت بأنه تفوه بالسلام، وشككت هل كان ذلك بقصد التحية