/ صفحه 313/
وللرد على ذلك نقول:
ذكر الأستاذ الجليل الشيخ الكوثري رحمة الله عليه: أن هذه هفوة مكشوفة لابن خلدون لا يجوز لأحد أن يغتر بها، لأن رواياته على تشدده في الصحة لم تكن سبعة عشر حديثاً فحسب بل أحاديثه في سبعة عشر سفراً يسمى كل منها بسند أبي حنيفة خرجها جماعة من الحفاظ وأهل العلم بالحديث بأسانيدهم إليه بين مقل منهم ومكثر حسبما بلغهم من أحاديثه.
وهناك أيضاً من المعاصرين من يغتر بمناهج البحث الحديثة ويعجب بأساليب النقد الجريئة، والتي جاء بها المستشرقون ظانين أن علماء الحيدث لم يأخذوا بها، وفاتهم التمحيص على أساسها.
من ذلك قول صاحب كتاب " حياة محمد ":
إن خير مقياس يقاس به الحديث ويقاس به سائر الانباء التي ذكرت عن النبي ما روى عنه (عليه السلام) أنه قال: (إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعضروه على كتاب الله فما وافقه فمني وما خالفه فليس مني).
وقد ذكر هذا الحيدث نفسه (جولد تسيهر) في كتابه " العقيدة والشريعة " مستشهداً به على كثرة الوضع حتى في حياة الرسول. وفات هؤلاء أن هذا الحديث مختلق موضوع لا يصح الاعتماد عليه والاستدلال به. جاء في الجزء الرابع من كتاب الموافقات للشاطبي بعد أن ساق هذا الحديث:
" وقال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث، وقد عارض هذا الحديث قوم فقالوا: نحن نعرضه على كتاب الله قبل كل شئ، ويعتمد على ذلك ـ وهذه معارضة بنفس دليل الخصم ـ قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفاً لكتاب الله لأنا لم نجد في كتاب الله ألا نقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به، والأمر بطاعته، ويحذر من المخالفة عن أمره جملة على كل حال، فيقول تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عبه فانتهوا ".
ويقول العجلوني في كتابه " كشف الخفاء ":