/صفحة 152/
أكل لحُوم البشر وعوامل نشأته
للأستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي
ـــــ
انتشرت هذه العادة لدى عدد كبير من الشعوب البدائية وغيرها. فانتشرت في جنوب أفريقيا وغربيها ووسطها، في الكنغو البلجيكية والفرنسية وأقاصي السودان الجنوبي، وخاصة في عشائر نيام نيام (وهي عشائر تسكن السودان الشرقي بين النيل والكنغو وبحيرة تشاد، ويمتاز أفرادها بشعورهم الفاحمة المجعدة وطول قامتهم وأطرافهم السفلى، وقد ظن بعض الرحالة أن لهم ذيولا، لأنهم كانوا يسترون عوراتهم بجلود تتدلي من أطرافها الخلفية قطع مبرومه طويلة تشبه الذيول، وتبدو كأنها جزء من جسم الإنسان، وهم يسكنون الغابات؛ ويتجه قسط يسير من نشاطهم إلى الزراعة، أما معظمه فيتجه إلى الصيد وصناعة الفخار والسلال والخناجر والسيوف والحراب) وانتشرت هذه العادة كذلك لدى طائفة من عشائر السكان الأصليين لاستراليا وأمريكا، وخاصة أمريكا الجنوبية والوسطى، وطائفة من عشائر السكان الأصليين لأرخبيل الملايو وميلانيزيا وبولينزيا وأندونسيا وبعض شعوب آسيا. وتوجد أدلة كثيرة على أن هذه العادة كانت منتشرة في بعض المناطق الأوروبية كذلك.
وقد نشأت هذه العادة أو تطورت عند بعض الشعوب نتيجة لعدم وجود غذاء حيواني آخر، أو لندرة هذا النوع من الغذاء، أو لحدوث قحط أو مجاعة، فتوالي المجاعات وإقفار المنطقة من غذاء حيواني كاف، هما اللذان أديا ـ في نظر الرحالة إليس ـ إلى نشأة هذه العادة لدى السكان الأصليين في بعض جزر بولينزيا.
وفي عشائر النوكاهيقي باستراليا كان يقتصر في الأوقات العادية على أكل جثث من يقتل من الأعداء في أثناء الحروب، ولكنهم كانوا في سنى المجاعات القاسية يقتلون