/صفحة 157/
مثلا (بأمريكا الشمالية) لا يؤكل لحم البشر إلا في مناسبات تقديم القرابين الإنسانية، ولا يؤكل لحم إنساني إلا من هذه القرابين.
* * *
وفي بعض الأحوال كان يعتقد أن أكل لحم الإنسان أو شرب دمه يحقق فوائد روحية أو طبية للآكل أو الشارب، وكان الناس لا يقدمون على ذلك إلا لتتحقق لديهم هذه الفوائد. فعشائر البنكيين بميلانيزيا مثلا كانوا يعتقدون أن ذلك يزود الآكل أو الشارب بقوى وخصائص لا تقل كثيراً عن قوى الآلهة وخصائصهم.
* * *
وقد يكون الباعث على ذلك شدة العطف على الشخص، والشفقة عليه، والتفاني في حبه، والحرص على أن يمتزج جسمه بجسم الآكل، وأن يتخذ مقره الأخير في جوفه وأحشائه، فلا يذهب شيء منه إلى التراب، وتبدو هذه البواعث على الأخص عند الشعوب التي يأكل فيها الناس المتوفين من أبنائهم وآبائهم وأهليهم وأحبائهم وذوى العاهات من أقربائهم ومن يبلغون منهم أرذل العمر. فعشائر الباتاك بسومطرة، يعتقدون أنهم إذ يأكلون العجائز وذوى العاهات من أقربائهم لا يفعلون ذلك لإشباع نهمهم الغذائي، وإنما يفعلونه رحمة بهؤلاء وإشفاقا عليهم. وعند عشائر البوتوكودوس تأكل الأمهات المتوفين من أولادهن بدافع من العطف والحنان. وتعتقد عشائر الميورونا أنه أكرم لجثة القريب أن يأكلها قريبه من أن تترك طعاما للدود والحشرات.