/صفحة 220/
نحواً جديداً في عرض السير القرآنية وبيان أهدافها ومناهجها ومالها من أساليب في الوصول إلى أغراضها وقد كان لهذا التفسير وقع عند إخواننا في مختلف الشعوب والطوائف الإسلامية، وكنت أتلقي، كما كانت المجلة تتلقي كثيراً من الرسائل التي راق أصحابها منهج البحث في هذا التفسير وما يمتاز به من دراسة هدفها الحق، وأسلوبها الوضوح، وأساسها الإنصاف، وما زالت هذه الفصول تنشر في أعداد " رسالة الإسلام " وأرجو أن أواليها في المستقبل ما استطعت إلى ذلك سبيلا إن شاء الله تعالى.
ولقد كنت طول حياتي مولعاً بدراسة الفقه الإسلامي دراسة حرة أساسها الدليل والحجة، وإن استخرج من كنوزه وذخائره ما ينفع الناس في عصرنا هذا، وما يلفت أنظارهم إلى عظمته وإلى يسره، وإلى رحمة الله به.
وقد استطعت أنا وكثير من إخواني في التقريب وفي الأزهر وفي الفتوى وفي لجان الأحوال الشخصية، غير ذلك أن نرجح أقوالا وآراء من غير مذهب السنة مع أننا سنيون، ومن ذلك ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية المصري في شئون الطلاق الثلاث والطلاق المعلق وغير ذلك فإن هذا مستمد من مذهب الشيعة الامامية والعمل الآن قائم عليه دون سواه.
والان أجد من واجبي أن أدخل في كلية الشريعة من كليات الجامع الأزهر ما كنت أتوق إليه طول حياتي من دراسة الفقه على نحو خالص من العصبية المذهبية، لا هدف إليه إلا الوصول إلى الحكم السليم في كل شأن من شئون المسلمين، ولا سيما العملية منها، فقد آن لهذا الفقه الأكبر الدقيق العميق أن يلبس ثوبه الملائم له، وأن يعرض على الناس عرضاً مناسباً للعصر وأن يشعر كل مسلم بأنه حقاً فقه الحياة، وقوام المسلمين، وأنه يتقلب في مجال نظامه وتنسيقه وترتيبه مستمداً من ذلك الفقه القوى.
ويومئذ يقف الأزهر موقفه العظيم من المسلمين في مختلف طوائفهم وشعوبهم ومذاهبهم، موقف المنصف الذي يقول الحق، ويهدي إلى الحق ويبعث النور وهاجاً في العالمين كما ألف المسلمون منه في كثير من مراحل تاريخه العظيم.