/صفحة 240/
الاقتصاد الإسلامي
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل شيخ محمد أبو زهرة
أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 3 ـ
1 ـ انتهينا في كل كلامنا السابق إلى الكلام في ملكية المعادن، وبين اختلاف الفقهاء في مدى حق الدولة الممثلة للمجتمع الإسلامي فيها؛ وانتهينا إلى أن أمثل الآراء هو رأي الإمام مالك رضي الله عنه، وهو أن الملكية في المعادن تكون للدولة الإسلامية ولو وجدت في أرض مملوكة ملكا خاصاً، لأن مالك الأرض إنّما يملك ظاهرها دون باطنها، وهو يملك ما تستخدم له الأرض عادة، وهو الزرع أو البناء، وليس من الانتفاع المعتاد بالأرض استخراج المعادن منها، ولأن ما يخرج من فلزات الأرض وجواهرها لا يستلزم من الجهد ما يتكافأ مع ما تنتجه، وهي وديعة الله في الأرض فتكون لكل خلقه، لا يختص بها إنسان دون آخر، ولأنها لا يستغني الناس عنها عادة، فهي تشبه الماء والنار والكلأ، فلا يستبد بملكيتها أحد، لأن الناس جميعاً شركاء فيها.
2 ـ وهناك نوع من الأشياء يتنازعه شبهان:
أحدهما ـ شبهه بالمعادن من حيث إن الإنتاج فيه ليس بعمل العامل وحده، ولكن برعاية الله وكلاءته.
والثاني ـ أنه ثمرة جهد وتمييز الأنواع المختلفة والجد المتواصل تحت عين الله تعالى وفي ظله، كالشأن في عمل كل عامل، وذلك النوع هو الأراضي الزراعية، ويجب أن نتعرض لمقدار سلطان الملكية الفردية فيها، وسلطان الدولة التي تمثل الحقوق الإنسانية فيها.