/صفحة 278/
ذلك لأنك رفعت ونصبت، وخفضت وجزمت ! هلا رفعتَ إلى الله يديك في جميع الحاجات، ونصبت بين عينيك ذكر الممات، وخفضت نفسك عن الشهوات، وجزمتها عن اتباع المحرمات ! أو ما علمت أنه لا يقال يوم القيامة: ألا كنت فصيحاً معرباً، وإنما يقال لك: لم كنت عاصياً مذنباً، فلو كان الأمر كما زعمت، لخوطبت كما حكمت، ولكان هارون أحق بالرسالة من موسى، إذ قال الله تعالى إخباراً عنه: " وأخي هارون هو أصح مني لساناً" فجعل الرسالة في موسى لفصاحة تبيانه، لا لفصاحة لسانة، فالفصاحة فصاحة الجَنان، لا فصاحة اللسان.
ثم أنشد:
مجازفٌ في الفعال ذو زلَل حتى إذا جاء قوله وزنه
قال وقد أعجبته لقطتُه تيها وعُجبْا أخطأت يا لُحَنه
فقلت أخطأ الذي يقوم غداً ولا يَرى في كتابه حسنه