/ صفحه 48/
وقد كذّب ذلك ابن خلدون بدون برهان صحيح، وإلى هذا الجفر يشير أبو العلاء المعرى بقوله:
لقد عجبوا لآل البيت لمّا * * * أتاهم علمُهم في مَسْك جَفر
ومرآةُ المنجِّم ـ وهى صغرى ـ * * * أرتْه كلَّ عامرة وقفر
والمسك بفتح الميم: الجلد.
وقيل: إن ابن تومرت المعروف بالمهدي ظفر بكتاب الجفر، فرأى فيه ما يكون على يد عبدالمؤمن صاحب المغرب فيما بعد وقصته وحِليْته واسمه، فأقام مدة يتطلبّه حتى وجده فصحبه، وكان يكرمه ويقدمه على سائر أصحابه، ويُنشد إذا أبصره:
تكاملتْ فيك أوصافٌ خُصصت بها * * * فكلنا بك مسرور ومغتبط
السّنُّ ضاحكة، والكف مانحة * * * والنفس واسعة، والوجه منبسِط
وقد كان الأمر كذلك، فقد آل ملك المغرب إلى عبد المؤمن.

العجز عن العمل الصالح:
قال رجل لبعض الصالحين: إنى عاجز عن قيام الليل!! فقال يا أخى، لا تعص الله بالنهار!!

وقال الفضيل. إذا لم تقدر على الصيام والقيام، فاعلم أنك محروم بذنوبك; فإن الجاهل يظن أن هؤلاء عبدوا الله بصحة الأجسام، وقوة الأركان، ولكن عبدوا الله بصحة القلوب، وقوة الإيمان. أكلُهم أكل المرضى، ونومهم نوم الغرقى، وكلامهم كلام الخائف بين يدي ملك جبار، وعزمهم عزم الهارب من سيل مغرق، أو نار محرقة!!