ـ(159)ـ
بوضوح، فإن الآيات الكريمة التي تتناول مسألة نزول القرآن الكريم تتحدث عن نمطين من النزول القرآني:
أ ـ آيات تتحدث عن نزول كلي للقرآن المجيد كما تفيد الألفاظ التي استعملها القرآن للتعبير عن ذلك: [شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان..] (1).
[إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر...] (2).
[إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين](3).
ب ـ آيات تتحدث عن نزول مفرق لآيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى: [وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً] (4).
إنّ هذا الاختلاف بين الآيات الكريمة التي تتحدث عن حالات نزول القرآن الكريم تؤكد قيام حالتين لنزول القرآن كما أشرنا، وهي تفيد بالتالي أنّ "الإنزال" الأول كان لصنع شخصية النبي صلى الله عليه وآله ، والتنزيل المفرق المنجم كان لصنع الأمة تباعاً.
هذا ويشير حديث الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه الصلاة والسلام الذي ذكرناه آنفاً ـ إلى نفس المعنى، حيث إنّ النص يقطع بأن النبي منذ صغره كان مقروناً مع أعظم ملائكة الله تعالى، يسلك به طريق المكارم ومحاسن الأخلاق، وهذا بالطبع أحد مقومات النبوة وأعلى مظاهرها.
وقد ذكر المؤرخون ظواهر عملية كانت بارزة على شخصية النبي قبل الدعوة يخالف فيها سائر قومه نذكر منها ما يلي:
_______________
1 ـ البقرة: 185.
2 ـ القدر: 1 ـ 2.
3 ـ الدخان: 3.
4 ـ الإسراء: 106.