ـ(174)ـ
المتبادل بينهم هو التكفير والتفسيق ونحو ذلك، الأمر الذي يجعل الاختلاف المذهبي في الوعي الإسلامي العام يساوي الاختلاف الديني، بل قد يكون أخطر تأثيراً على الواقع الإسلامي؛ لأنه يدخل ـ في الوجدان العام ـ في دائرة تخريب الإسلام من الداخل تماماً كما هو "السم في الدسم" مما يشكل خطورة على صفاء الإسلام ونقائه، وتكون النتيجة هي: المزيد من التمزق والانحلال والانطلاق في متاهات الجهل والتخلف الفكري والاجتماعي والسياسي.
أو أنّ التقريب حركة فكرية تنطلق من العنوان الثقافي من أجل إثارة علامات الاستفهام التي يطرحها فكر المسلم الآخر لدى صاحبه؛ ليجد فيها وجهة نظر تثير التفكير في الجانب الآخر من الفكرة؛ لتدفع إلى الحوار الذي يوضح الموقف ويبلور الرأي ويتجه بالرسالة المختلف عليها إلى المزيد من الوضوح لدى كلّ واحد من المذهبين في أسلوب علمي من التفاهم الفكري والانفتاح العلمي؛ لتكون النتيجة: التحرك من خلال المنطق الفكري نحو تقريب الأفكار بالتنازل عن الكثير من الهوامش المحيطة بالموقف والزوائد البعيدة عن الموضوع؛ ليقف الجميع وجهاًُ لوجهٍ أمام العناصر الأساسية للعقيدة أو للشريعة أو الخط الفكري أو الفقهي الممتد في خطوط الكتاب والسنة، فتضيق بذلك مساحة الخلاف، وتنفتح عناصر الوحدة الفكرية العقيدية والفقهية في ساحة الحوار، فيأخذ بها الجميع؛ ليكون الرأي واحداً فيما يختلفون فيه ما دامت الحقيقة هي رائد الجميع؟
وبذلك يكون الهدف الأسمى من التقريب هو: الوصول إلى قاعدة الوحدة؛ لأن استمرار الخلاف بين المسلمين يحرك التعقيدات الذاتية والموضوعية في عملية إثارةٍ دائمةٍ تقود الجميع إلى الموقف الحاد الملتهب بالمزيد من الحساسيات الحادة والمشاعر المتوترة التي تجعل الوجدان في حالة دخانية تمتد إلى أكثر من موقع في الساحة؛ لتثير أكثر من مشكلة، وتحرك أكثر من فتنة على مستوى الواقع الإسلامي كله.