ـ(194)ـ
لا تجوز الثورة على الإمام الفاجر:
إنّ نقطة الافتراق الكبرى في الرؤية السياسية عند الأشاعرة عن المعتزلة والشيعة وغيرهم هي: الموقف من "الثورة" على الإمام الفاجر، فرغم أنّ الأشاعرة أبقوا للأمة حق عزل الإمام إذا فسق أو ظلم أو أخل بنظام المسلمين إلاّ أنهم لم يسمحوا بطريق الثورة المسلحة ضده؛ لما في ذلك من إراقة الدماء وإحداث الفتنة في صفوف المسلمين، حيث يرى الأشعري:
(أنّ السيف باطل ولو قتلت الرجال وسبيت الذرية، وأن الإمام يكون عادلاً ويكون غير عادلٍ وليس لنا إزالته وإن كان فاسقاً)(1). ويستند الأشاعرة في هذا الرأي إلى مجموعة أحاديث نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: منها: ما جاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية"(2).
ومنها: ما روي عن حذيفة بن اليمان: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم منكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إنّ أدركت ذلك ؟ قال: تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك أو أخذ مالك فاسمع وأطع"(3).
وسوف نعرف من خلال هذا الاستعراض: أنّ الأشاعرة لم يحددوا طريقاً لكيفية عزل الحاكم حينما ينحرف، رغم أنهم اعتبروا ذلك حقاً للأمة، وهذه نقطة فراغ تبقى قائمة في الرؤية السياسية عند الأشاعرة.
___________________________________
1 ـ مقالات الإسلاميين للأشعري: 89.
2 ـ الأشعري حياته واراؤه.عبد الحليم محمود: 196.
3 ـ المعتزلة والاشاعرة. محمّد علي: 187.