ـ(226)ـ
والاعتصام بحبل الله المتين في سبيل تقارب المسلمين، ووحدة صفوفهم في مجال العقيدة والشريعة.
أوّلاً: لاحظتكم تعبرون دائماً عن بعض ما شاع بين المسلمين من التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وآله وبعض الأولياء: كالمسح بجدران وأبواب الحرم النبوي الشريف وغيره شركاً وعبادة لغير الله، وكذلك طلب الحاجات منه ومنهم، ودعاؤهم، وما إلى ذلك.
فأقول: هناك فرق بين ذلك، فطلب الحاجات من النبي ومن الأولياء باعتبارهم يقضون الحاجات من دون الله أو مع الله فهذا شرك جلي لا شك فيه، لكن الأعمال المتعارفة بين المسلمين والتي لا ينهاهم عنها العلماء في شتى أنحاء العالم الإسلامي ـ من غير فرق بين مذهب وآخر ـ ليست هي في جوهرها طلباً للحاجات من النبي والأولياء، ولا اتخاذهم أرباباً من دون الله، بل مرد ذلك كله ـ لو استثنينا عمل بعض البسطاء من العوام ـ إلى أحد أمرين:
التبرك والتوسل بالنبي وآثاره، أو بغيره من المقربين إلى الله عز وجل.
أما التبرك بآثار النبي من غير طلب الحاجة منه ولا دعائه: فمنشؤه الحب والشوق الأكيد رجاء أنّ يعطيهم الله الخير بالتقرب إلى نبيه وإظهار المحبة لـه ، وكذلك بآثار غيره من المقربين عند الله.
وإني لا أجد مسلماً يعتقد أنّ الباب والجدار يقضيان الحاجات، ولا أنّ النبي أو الولي يقضياها، بل لا يرجو بذلك إلاّ الله، إكراماً لنبيه أو لأحدٍ من أوليائه أنّ يفيض الله عليه من بركاته.
والتبرك بآثار النبي ـ كما تعلمون ويعلمه كلّ من اطلع على سيرة النبي صلى الله عليه وآله كان معمولاً به في عهد النبي، فكانوا يتبركون بماء وضوئه وثوبه وطعامه وشرابه وشعره وكل شيء منه ولم ينهاهم النبي عنه.
ولعلكم تقولون: أجل، كان هذا، وهو معمول به الآن بالنسبة إلى الأحياء من الأولياء والأتقياء ـ كما شاهدت بعض أصحابكم يتبركون بطعامكم ـ لكنه خاص