ـ(230)ـ

خلافية اجتهادية فهل تسمحون في مثل هذه المسألة التي بنى جل العلماء على جوازها وقليل منهم بنى على حرمتها أنّ ينسب الكفر والشرك بل الفسق والضلال إلى هؤلاء الجم الغفير المعترف بفقههم وتقواهم ؟ فما هو الفارق إذا بين القطعيات والظنيات سواء في حقل العقيدة أو في حقل الشريعة ؟ إنّما الحكم بالكفر ثابت فيمن أنكر ضرورة من ضرورات الدين ليس إلاّ، دون مسألة خلافية هي معترك الآراء بين الفقهاء.
فأقل ما يقال في مثل هذه المسألة الخلافية هو: الاحتياط بالإمساك عن التقول فيهم، حتّى ترجع المسألة قطعية، والاكتفاء ـ ممن لا يجوزه ـ بالوعظ والإرشاد إذا رآه شركاً أو بدعة وضلالاً، فهذا منتهى المعقول في أداء الواجب من مثله.
وقد مر بنا أنّ استهللنا كلامنا بالتقدير لجهودكم في سبيل دعم أمر التوحيد، وهذا بنفسه سعي مشكور أغبطكم عليه لولا أنّ ينضم إليه إطلاق القول بالشرك أو الكفر فيمن جوز هذا العمل عن اجتهاد ونظر، من دون تلقيد أعمى، ولا جهل بالكتاب والنسة وبآراء الفقهاء، الموافق منهم والمخالف.
وقد تطرق الأستاذ الشيخ ـ في رسالته ـ إلى القضية الفلسطينية، وحث علماء المسلمين على اتخاذ الموقف المبدئي الذي قرره القرآن وذهبت عليه السنة دون التأثر بالأجواء السياسية المفتعلة.
قال أبو الحسن الأشعري:"اشهدوا عليَّ أنّني لا اُكفّر أحداًَ من أهل القبلة بذنب؛ لأنّهم كلّهم يُشيرون إلى معبودٍ واحدٍ، والإسلام يشملهم ويعتمهم".

الأصول الخمسة 39