ـ(52)ـ
الدار الآخرة حق، والجنة حق، والنار حق، وما اختلفنا فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله ورسوله، أي: أننا متفقون على أسلوب الخلاف) (1).
إذن، الأمة الإسلاميّة ـ وإن اختلفت فيها المدارس الفكرية ـ تملك أسساً مشتركة تستطيع بها أنّ تجمع شتاتها وتوحد كلمتها. فهي أمة واحدة ذات دين واحد، وكتاب واحد، ورسولٍ واحدٍ. هذه هي الأصول الثابتة التي تشترك فيها الأمة، فإذا أدركتها جيداً والتزمت بمقتضياتها فإن ذلك يجعل منها أمة واحدة، تلتقي على: وحدة الغاية، وحدة القيادة، وحدة العقيدة. ولا بأس من تناول هذه الأسس بإيجازٍ لتتضح المعالم المضيئة في الطريق:
وحدة الغاية: حيث إنّ المسلمين جميعاً يدركون غاية وجودهم في هذه الحياة، وهي: الطاعة الكاملة لله عز وجل قال تعالى: [وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون] (2)، وإدراك هذه الغاية أساس أصيل في وحدة المسلمين.
وحدة المنهج: الذي يجب اتباعه هو: ما أشارت إليه الآية الكريمة: [واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا](3) وليس لهذا المنهج إلاّ مصدر واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، فهو الذي وضعه للمسلمين، فإذا اتضحت هذه الحقيقة في أذهان المسلمين وأشرقت في قلوبهم المؤمنة تمثلوها في واقعهم وسلوكهم.
وحدة القيادة: لقد شاء الله أنّ يكون الإسلام آخر الرسالات السماوية في الأرض، وأن يكون محمّد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ آخر الرسل، فيه أكمل الله الدين، وبه ختم المرسلين، وهذه الحقيقة يجب أنّ تتضح في أذهان المسلمين، إذ بقدر وضوحها والتزامهم بها بقدر ما يتيسر للأمة الاجتماع.
____________________________
1 ـ دعوة التقريب تاريخ ووثائق للعلامة الشيخ محمّد تقي القمي: 36 طبع المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة بالقاهرة (1412 هـ 1991 م).
2 ـ الذاريات: 56.
3 ـ آل عمران: 103.