ـ(8)ـ
الجانب، وتوحد صفوفها وتعبئ طاقاتها كي لا تفشل في مواجهة التحديات ولا تذهب ريحها.
ولكن ـ ونحن نقف أمام هذه السيرة موقف إجلالٍ واعجاب ـ يجب أنّ لا يفوتنا ماران على السيرة من سلبيات الماضي.. هذه السلبيات التي تراكمت فجعلت من نظرة بعضنا إلى الإسلام فجة ضيقة لا حركة فيها ولا حياة. وهذه النظرة الضيقة ـ إضافة إلى ما تفعله في مسخ السيرة ـ تعمل على إثارة الفرقة والنزاع بين المسلمين.
ولو تطلعنا إلى ما حولنا لرأينا هناك من يستفتي السيرة في حركة الإصبع عند الصلاة، ذاك يقول: إنها دائرية، ويرى آخر أنها عمودية، ويقع بين أتباع الرأيين نزاع تنتهك فيه الحرمات، وتتقطع وشائج الأخوة والصلات.
ورأينا من يستفتي السيرة في بناء القبور، ومقدار ارتفاعها، ويقع الخلاف بشأنها إلى حد التكفير..
وإن تعجب فعجب هذا الذي تراه في صفحات الفتاوى وأعمدتها؛ معظمها يحاول أنّ يجد في السيرة أجوبةً ترتبط بزيارة قبور الموتى والمسائل الفرعية في الصوم والصلاة، والموضوعات الهامشية في الإرث والزواج والطلاق.
إنّ علماء المسلمين يتحملون اليوم مسؤولية استطلاع السيرة في جوانبها الحياتية.. في حقل الدعوة وأساليبها ومراحلها.. في مجال بناء المجتمع الصالح والدولة الصالحة.. في طريقة التعامل مع المستجدات العالمية ومع الأمم الأجنبية.
عليهم أنّ يستفتوا السيرة في أسلوب تصعيد روح الجهاد لدى الأمة، وإعداد المجاهدين، والدفاع عن المستضعفين والمحرومين، ودك حصون الظالمين والمستكبرين.
علينا أنّ نقرأ ما في السيرة من مواقف توجب على كلّ مسلم وجوباً عينياً أنّ يعمل لوحدة الصف، وتأليف القلوب، ونبذ الفرقة ووحدة الكلمة.
لا بد أنّ يتطرق إعلامنا الإسلامي إلى ما وكدته السيرة بشأن كرامة الإنسان، وعزة المسلم، وقوة المجتمع الإسلامي ومنعته، ودوره الشاهد على ساحة التاريخ.
أليس في السيرة ما يتبين لنا رأي الإسلام في المجال الاجتماعي والاقتصادي