ـ(168)ـ
تغفل عن ذكر كلّ ما من شأنه أنّ يبني الإنسان بناءً صالحاً.
إنّ كلّ محقق متتبع يعلم أنّ هذه الثقافة الإسلاميّة لم تترك أي زاوية من زوايا الحياة الإنسانية دون أنّ تعني بها العناية اللازمة؛ يقول سبحانه وتعالى: [ما فرطنا في الكتاب من شيء](1).
وبناءً على هذا: فإن علينا أنّ نبحث عن حقائق الحياة الإنسانية وأسرارها في القرآن وفي التعليمات الإسلاميّة ، وعلى الرغم من أنّ القرآن الكريم يتميز بالإيجاز عموماً فإنه في هذا الخصوص جامع لكل رموز الأسرار البناءة للإنسان، إلاّ أنها تتطلب التحليل والتوضيح، وهذا ما اضطلع به الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بادئ الأمر، ومن ثم انتقل الأمر إلى عترته الذين تعهدوا أسرار هذه الرسالة السماوية حفظاً وشرحاً وإيضاحاً.
إذن، فالثقافة الإسلاميّة هي الثقافة الجامعة الشاملة الوحيدة التي عرفها البشر، ففيها كلّ الأصول والمبادئ التي تجعل من حياة الإنسان بناءً متكاملاً متقناً، ليمكن العثور فيها على جميع أسرار سعادة الإنسان.
إنّ كلّ باحثٍ موضوعي منصفٍ حين يلج ساحة الثقافة الإسلامية بكل أعماقها وأبعادها يرى ـ بما لا يقبل الشك ـ ألوان المعارف التي تعالج كلّ الزوايا الخفية المعقدة التي تحيط بالإنسان من خارجه وتعتمل في داخله.
هذه الثقافة الغنية والتعاليم السامية كبحر زاخر بأنواع الدرر والمجوهرات التي ينبغي بذل الجهد لاستخراجها واستثمارها على طريق بناء الإنسان وصياغة الكائن الأمثل. وقد نشط العلماء المسلمون منذ بداية انبثاق النهضة العلمية الإسلاميّة لاستخراج هذه المجوهرات والدرر الثمينة، واستطاع كلّ منهم حسب تخصصه وقدرته أنّ يستخرج من التحف ما يبين غنى الثقافة الإسلامية وعظمتها، وأن يفتح للأجيال أبواباً جديدةً للمعرفة والعلم.
__________________________________
1 ـ الإنعام: 38.