ـ(177)ـ
وتقديم الدراسات التي تعتمد منهج البحث العلمي المقارن، وعند ذاك نكون قد وضعنا أسس التفاهم المشترك ورسخناها، وهذا بدوره سيقود إلى حالة الانسجام والاتفاق، وإزالة أسباب الفرقة.
ولعل من المناسب هنا الإشارة إلى أنّ تأسيس (1) "مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية" الذي حظي بدعم وإسناد ومباركة ولي أمر المسلمين سماحة آية الله السيد الخامنئي (متع الله المسلمين بطول بقائه) من تأسيس وما ينهض به دور جاد في هذا الاتجاه يعد إحدى أهم الخطوات التي تصب في هدف التقريب والوحدة.
وعلى ضوء ما تقدم أجد أنّ أطروحة سماحة السيد العلامة محمّد تقي الحكيم ـ حفظه الله ـ يمكن أنّ تعد ـ بحق من أهم المعالجات العلمية الجادة، وإسهامة رائدةً وخلاقةً في خدمة هدف التقريب، وهذا ما سنلمسه في هذا المقال إنّ شاء الله تعالى.
دور العلامة السيد محمّد تقي الحكيم في خدمة التقريب:
يظهر لي: أنّ الوعي العميق، والإدراك الجدي لأهمية تقديم أطروحة تتصل بأهم موضوع إسلامي حيوي هو ما دعا السيد الحكيم إلى النهوض بعمله الجليل "الأصول العامة للفقه المقارن" بصفته أطروحة جديةً تصب في هدف التقريب مباشرةً.
لقد كانت هذه الأطروحة نموذجاً رائعاً ورائداً في حقل الدراسات الإسلاميّة المقارنة، وكانت قد حققت خدمةً حقيقيةً بناءةً في هذا الاتجاه المبارك، اتجاه "التقريب بين المذاهب الإسلاميّة " ومن هنا تتأتى أهمية تسليط الضوء على المنهج الذي اتبعه السيد الحكيم، وبيان خصائصه العامة، وثمراته ونتائجه؛ لنتبين مدى مدخلية ذلك في اتجاه التقريب.
ولكن يحسن بنا قبل أنّ نتحدث عن هذه المسألة، أنّ نقدم تعريفاً موجزاً بصاحب هذه الأطروحة (المبادرة)، على أني إنّمّا أذكر هذا جرياً على طريقة الباحثين عندما
__________________________________
1 ـ راجع المقدمة التي كتبها سماحة العلامة الدكتور محمّد واعظ زاده الخراساني في المجلد الأول من مجلة (رسالة الإسلام) التي كانت تصدرها دار التقريب في القاهرة، وأعيد طبعها ونشرها من قبل (مجمع التقريب بين المذاهب الإسلاميّة) ومجمع البحوث الإسلامية بمشهد سنة(1411 هـ).