ـ(32)ـ
الثاني: أنّ يدرك الحق من النص الذي يحدده ويقيم الدلائل عليه، وينصب الأعلام على معرفته(1).
ويرى الأشعري العقل بأنه: (علم الاضطرار الذي يفرق الإنسان بين نفسه وبين الحمار، ومنه قوة اكتساب العلم، وزعموا أنّ العقل الحسن نسميه عقلاً؛ بمعنى: معقول، وقيل: هو العلم، وإنّما سمي عقلاً لأن الإنسان يمنع نفسه به عما لا يمنع المجنون نفسه عنه، وذلك مأخوذ من عقال البعير، وإنّما سميت عقالاً لأنه يمنع به)(2).
وعرفه القاضي الباقلاني بأنه:(غريزة يتهيأ بها النظر في المعقولات، والعلم يطلق على إدراك العقل، وهو المقصود بالبيان)(3).
ولنا في هذه العجالة أنّ نقف قليلاً عند الغزالي الذي قوم العقل من خلال مراحل المعرفة التصديقية، إذ قال عنه: (هو اسم مشترك يطلق على عدة معان) هي:
1 ـ يطلق على بعض العلوم الضرورية.
2 ـ يطلق على الغريزة التي يتهيأ بها الإنسان لدرك العلوم النظرية (الآلة: الجهاز العصبي).
3 ـ يطلق على العلوم المستفادة بالتجربة.
4 ـ يطلق على من لـه وقار وهيبة وسكينة.
5 ـ يطلق على جمع العلم إلى العمل...، فلا يقال للكافر: عاقل، بل: داه أو كيس (4).
فنظرية المعرفة متصلة عند الغزالي بمبحث العقل، والعقل عنده كالمرآة التي تنطبع عليها صورة المعقولات (على ما هي عليها)(5).
والغزالي في بحثه عن حقيقة الحكم الشرعي أثبت أنه (عبارة عن خطاب الشرع وليس وصفاً للفعل، ولا مدخل للعقل فيه، ولا حكم قبل ورود الشرع)(6).
ومن هنا هاجم الأصول التي اعتمدها بعضهم مثل: (شرع من قبلنا، وقول
__________________________________
1 ـ في التشريع الإسلامي لسيد خليل: 125.
2 ـ مقالات الإسلاميين للأشعري: 480.
3 ـ المستصفى للغزالي 1: 16.
4 ـ المصدر نفسه 1: 17.
5 ـ المصدر نفسه 1: 18.
6 ـ المصدر نفسه 1: 6.