ـ(49)ـ
حجية الاستصحاب
عند المذاهب الإسلاميّة
الأستاذ محمّد الغراوي
تمهيد:
إنّ الأصول كثيرة، إلاّ أن الجامع بينها هو: أنها وظيفة للجاهل بالواقع من حيث جهله به، ويأسه من الكشف عنه بالعلم أو الظن المعتبر.
ويتضح الفرق بين أصل وأصل من مورد الجهل وما وقع عليه الشك. ولعل السر في الاهتمام بالأصول الأربعة ـ أعني: الاستصحاب، والبراءة، والاحتياط، والتخيير ـ راجع إلى أنها عامة تجري في الشبهات الحكمية والموضوعية، وفي كلّ كتاب وباب من أبواب الفقه(1).
أما بقية الأصول فإن بعضها وإن عم وشمل الشبهة الموضوعية: كأصل الصحة في فعل النفس والآخرين.
كما أن هناك بعض الأصول لا تجري إلاّ في مسألة واحدة: كالحرية في الإنسان.
واصل الولد للفراش.
فموضوع الاستصحاب هو الشك في التكليف أو المكلف به، بشرط النظر إلى الحال السابقة ولحاظها.
وموضوع أصل البراءة: هو الشك في جنس التكليف وهويته، بشرط غض النظر
__________________________________
1 ـ فوائد الأصول، محمّد علي الكاظمي 3: 119.