ـ(43)ـ
الأصول التنزيلية:
ومن هنا انفتح على هذه المدرسة باب جديد من العلم في التمييز بين نوعين من الأصول العلمية (التنزيلية) منها وغير التنزيلية). فقد وجدوا أن مهمة طائفة من الأصول العملية كالاستصحاب هي تنزيل أحد طرفي الشك منزلة الواقع في البناء العملي، بينهما وجدوا أن مهمة طائفة أخرى من الأصول العملية تحديد الوظيفة العملية للمكلف في ظرف الشك بمقتضى ما يؤدي إليه الأصل دون النظر إلى الواقع وتنزيل المؤدي منزلة الواقع.
وسموا الطائفة الأولى بالأصول التنزيلية والطائفة الثانية بالأصول غير التنزيلية، وقالوا بحكومة الأصول التنزيلية على غير التنزيلية، لان مهمة الأصول التنزيلية هي تنزيل مؤدى الأصل منزلة الواقع في مقام العمل.
وبهذا التنزيل العملي يرتفع الشك والجهل بالحكم الشرعي ويرتفع بذلك موضوع الأصول غير التنزيلية بالتفصيل الذي تحدثنا عنه تعبدا وبذلك تكون الأصول التنزيلية حاكمة على الأصول غير التنزلية بتقدمه عليها، ولا يكون بينهما تعارض لتقدم الأول على الثاني إلاّ ما يبدو لأول وهلة بينهما من (التعارض البدوي) الذي يزول بعد النظر والتأمل.