ـ(125)ـ
وأما الشاطبي: فقد شرط التحري للمقلد فيمن يأخذ عنه العلم، هل هو من أهله أم لا ؟.
وأما إمام الحرمين يفهم من كلامه، أن من يستطيع النظر من العوام في الدليل، وتكون لديه القدرة على استخراج الأحكام، اولى لـه أن يأخذ بما يتوصل إليه من بحث في الدليل.

القول بالتفصيل (الوجوب التخييري):
أما القول بالتفصيل، فهو يدور بين من تتوفر لديه شروط الاجتهاد، وبين العامي الذي لم يصل إلى هذه الدرجة.
فيقال بعدم جواز تقليد الأول، بينما يلزم الثاني به (1) ولذلك يكون البحث في مرحلتين:
الأولى: المجتهد وتقليده لغيره.
الثانية: العامي وتقليده للمجتهد.
أما المسألة الأولى: فقد نقل الشوكاني عن كثير من أهل السنة القول بتحريم التقليد لمن تتوفر فيه الشروط المطلوبة في المجتهد(2).
وكذلك يتفق الشيعة الإمامية مع غيرهم في هذا القول، إذ من المحتمل أنّه يجب على هذا المجتهد أن يجتهد، ويكون الاجتهاد في حقه واجباً عينياً، لتمكنه من تحصيل العلم بالأحكام، وحينئذٍ يحرم عليه التقليد لا نصراف أدلة الجواز عنه، لأن الظاهر من أدلة الجواز اختصاصها بمن لا يتمكن من تحصيل العلم بالأحكام.
فالذي عنده أهلية الاجتهاد فلا يجوز لـه أن يقلد، لان لـه صلاحية أخذ الحكم من الدليل، فيجب عليه أن ينظر في الدليل ويستخرج الأحكام، فيكون
______________________
1 ـ ذكر المتأخرون من الإمامية طريقاً ثالثاً في التخيير وهو الاحتياط (انظر العروة الوثقى 1: 4).
2 ـ إرشاد الفحول: 267.