ـ(20)ـ
كبيراً في توجيه الحفيد إلى الفقه عامة وإلى الفقه المقارن خاصة، وكذا في بناء فكره الأصولي والكلامي وهذا الحفيد وإن لم يستفد من جده في حياته، لأنه ولد في نفس العام الذي مات فيه الجد أي عام (520 هـ) قبل موته بشهر(1) لكن آثار الجدّ والجوّ الحاكم على الأسرة، كانت تربط بينهما، والعادة تقتضي بأن الجدّ كان قد رأى حفيده الرضيع، الذي قدر لـه أن يملأ العالم بعلمه، وأن يشتهر في الغرب أكثر منه في الشرق، وأن يعدّ ثاني أبن سينا (370 ـ 428 هـ) في الفلسفة والطب وغيرهما من العلوم العقلية، ويزيد عليه في فنون الفقه والأصول والقضاء، بل وفي الكلام والعقيدة، وهو الفيلسوف الوحيد في أسرة من الفقهاء والقضاة، كان أبوه قاضياً، وكان جده قاضي القضاة(2).

ابن رشد الجدّ
ولد في مدينة قرطبة، عاصمة الحكم الأموي، قلعة المالكية بالأندلس، في بيت ورث العلم والصلاح وخطة القضاء (3) ولا ندري أن هذه الأسرة كانت من أصل أندلسي أو من العرب الداخلين بالأندلس ولا تسعفنا المصادر في رصد حركة ابن رشد الجد في هذه البيئة، فهي لا تمدنا إلاّ بقائمة للأساتذة الّذين نهل منهم ابن رشد المعرفة في قرطبة، التي لم يتجاوز أسوارها لأخذ العلم خارجاً، كما هي عادة طلاب العلم قبله وبعده وتبدأ القائمة بالأب "أحمد بن أحمد" الذي كان من أهل العلم والجلالة والعدالة، أخذ عنه محمّد بن رشد أوليات الثقافة وفق
______________________
1 ـ خاتمة بداية المجتهد ـ مطبعة الاستقامة بالقاهرة، وهذا صحيح، لأن الجدمات في شوال، والحفيد ولد في رمضان من سنة (520 هـ)
2 ـ ابن رشد للعقاد ص 18.
3 ـ مقدمة مسائل ابن رشد بقلم محقق الكتاب ومصححه الأستاذ محمّد التجكاني، ط منشورات دار الآفاق الجديدة، المغرب ج 1، ص 21. وقد طبع في مجلدين كبيرين.