ـ(7)ـ
وحين وجدوا أن المدّ يتسع والصحوة تتعالى، لجأوا إلى تواجد عسكري دمّر بقاعا من عالمنا الإسلامي وهدّد أخرى، لكن هذا القمع العسكري علاج مؤقت، لابد أن يستتبعه القمع الدائم، وذلك ما لا يتم إلاّ عن طريق التخطيط لهزيمة نفسية أخرى للمسلمين.
وبدأت خطة الغزو الثقافي الجديد بسلاح متطور يهاجم المسلمين في عقر دورهم عن طريق الأجهزة الإلكترونية والأقمار الصناعية.
واعتمدت الخطة أول ما اعتمدت على تضخيم التطور التقني الغربي لا قناع المسلم بأنه لابد ـ إن أراد اللحاق بركب التطور ـ أن يكون تابعا ذيليا متطفلا على الغرب ولابد لـه ـ إن أراد أن يعيش ـ أن يقبل "النظام العالمي الجديد" بكل معادلاته في مجال الهيمنة السياسية والاقتصادية والتقنية.
ثم اعتمدت الخطة أيضاً سبيل إثارة الشهوات.. فالهوية الإسلاميّة تقوم على أساس التعادل بين متطلبات الروح والجسد، وكل إخلال بهذا التعادل يشكل تهديدا للهوية، ولاستمرار مسيرة الأصالة خاصة في المجتمع الإسلامي المعاصر حيث الهوية في بداية الظهور، والإنسان المسلم في المراحل الأولى للاستيقاظ.
المجتمعات المسلمة لم تستعد إحساسها الكامل بالعزة حتّى الآن وإن بدأت بذلك، والأمة المسلمة لم تعد إلى هويتها بالشكل المطلوب، والمسلمون لم يعتلوا مكانتهم على الساحة العالمية كما أراد لهم الله سبحانه إنها فترة مخاض صعب حرج وتحتاج الولادة إلى احتضان واهتمام لدرء مخاطر الفعل والانفعال عنها وهذا الهجوم الواسع للإخلال بقدرة الإرادة وإضعافها وإرضاخها للشهوات يهدد هذه الولادة ويعرضها لخطر كبير.
وثمة محور ثالث للخطة يعتمد عملية تحقير المسلمين والاستهانة بهم وانتهاك مقدساتهم، وتصويرهم بمظهر مجموعة بشرية لا هم لها إلاّ البطن والفرج،