بيان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان : في ذكرى صدور فتوى الإمام الخميني (رض) بشأن المرتد سلمان رشدي

بيان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان : في ذكرى صدور فتوى الإمام الخميني (رض) بشأن المرتد سلمان رشدي

في مايلي نص بيان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية:


"الفتوى التاريخية  للإمام الخميني (رض) بشأن المرتد سلمان رشدي"
 
في الرابع عشر من شهر فبراير (شباط) تمرّ علينا كل عام ذكرى صدور الفتوى التاريخية للإمام الخميني بشأن المرتد سلمان رشدي، وما دوّنه في كتابه «آيات شيطانية».

بداية نذكر أن هناك إصدارات كثيرة تُنشر في الغرب والشرق تستهدف الاستهانة بالأديان الإلهية وخاصة بالدين الإسلامي وبرسوله الكريم(ص)، سواء على شكل مقالات أو روايات أو صور كاريكاتورية. وهناك كثير من الأدلة التي تكشف عمّا وراء هذه الإصدارات من أيادٍ صهيونية أو صليبية وأحياناً من عقد نفسية.

لكن كتاب «آيات شيطانية» كان له شأن آخر، فقد صدر وسط ترويج إعلامي غربي وصهيوني ضخم، رددته الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، مما استفزّ المسلمين جميعاً في العالم الإسلامي وخارج العالم الإسلامي.

الذين قرأوا هذه الضجة الإعلامية بعين فاحصة موضوعية في وقتها أجمعوا على أن هذا الكتاب يستند إلى خلفية مشروع ضخم يستهدف الطعنَ في عزّة المسلمين وإذلالَهم.

وموضوع عزّة المسلمين مستهدف دائماً من قبل أعداء الإسلام، لأن العزّة هي الحياة، والطعن في هذه العزّة وتبديلها إلى ذلة يعني إفراغ مافي العالم الإسلامي من (حياة) وتبديله إلى خاضع مستسلم لإرادة القوى المستكبرة الطامعة.

الإسلام حين يؤكد على العزّة في نصوص القرآن الكريم:  وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِين و مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا وفي نصوص أولياء الله: «لقد فوّض الله إلى المسلم شؤونه جميعاً إلا أن يكون ذليلا» وفي الشعار الذي يلخّص ثورة الحسين بن علي(ع): «هيهات منا الذلة»... كل هذه النصوص تبين أهمية العزّة في منظومة الخطاب الإسلامي..

إنها تبين أن العزّة هي الحياة والحياة هي الهدف الأسمى في الدين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ" من هنا فإن كتاب سلمان رشدي وما أحاطه في زمن صدوره من موجة إعلامية غربية هائلة استهدف إذلال المسلمين والطعن في مقدساتهم بل وتجاوز كل الحرمات فطعن في بيت رسول الله وأزواجه أمهات المؤمنين.

وكانت ردة فعل العالم الإسلامي تجاه هذا الكتاب تعني أن المسلمين واعون على ماوراء هذا الكتاب من تآمر على عزّة المسلمين وحياتهم وكرامتهم.

ولم يكن الإمام الخميني(رض) بالذي يسكت أمام هذا التآمر، وهو من عاش من أجل عزّة المسلمين وإعادة الحياة لهذه الأمة التي تظافرت عليها آنذاك عوامل الإذلال.

فثورته المباركة التي عشنا ذكراها الحادية والأربعين قبل أيام هي من أجل مواجهة صلف المستكبرين وتعنّتهم ومحاولات سيطرتهم على مقدرات المسلمين، من هنا فإنه واجه مؤامرة الإذلال التي أراد الغرب أن ينفّذها مبتدئاً من الطعن برسول الله وأمهات المؤمنين بكتاب سلمان رشدي، واجهها على مستوى هذا التحدي فأصدر فتواه التاريخية قبل واحد وثلاثين عاماً بارتداد سلمان رشدي وأنه مهدور الدم.

كان لهذه الفتوى الأثر الكبير في استشعار المسلمين بعزتهم وكرامتهم وبوجود من يدافع دفاعاً عنيداً عن مقدساتهم، وخرجت المظاهرات والمسيرات في جميع أرجاء العالم الإسلامي بل حتى في أوربا مؤيدة للفتوى وداعية إلى استمرار حركة استعادة العزّة للمسلمين والوقوف بوجه مذليهم والمستهينين بكرامتهم.

ومن العجيب أن الغرب الذي يثور أمام كل ظاهرة تستهدف كرامته قد اتخذ تجاه هذه الفتوى موقفاً غاضباً ومستنكراً فأمر سفراءه بالخروج من طهران. وقد خرجوا ، ثم ندموا على قرارهم وأرادوا الرجوع، لكن عزّة القرار الإسلامي أبت أن يعودوا إلا بعد دراسة ملفات كل بلد من بلدانهم، ثم السماح لهم بالعودة!!

هذا الحدث الذي نعيش ذكراه الحادية والثلاثين يقدم لنا دروساً أهمها:

أن أعداء الإسلام يستهدفون سحق كرامة المسلمين لا يفرقون في ذلك بين السنّة والشيعة، وأن المسلمين بكل مذاهبهم لابدّ أن يقاوموا التحديات التي تواجههم متحدين متضامنين وبصوت واحد وبحركة منسجمة واحدة وأن لا يسمحوا لأعدائهم أن يضعفوا شوكتهم بتفريق صفوفهم.
وأن إيران الإسلام تبذل كل غال ونفيس وتواجه ألوان الضغوط والحروب العسكرية والاقتصادية والإسلامية من أجل الدفاع عن كرامة المسلمين وعزّتهم وعن مقدساتهم مهما كلّف الثمن.
هذا الفهم قادر على أن يرد كيد الأعداء إلى نحوهم، وأن يجمع المسلمين بمختلف مذاهبهم في جبهة مقاومة عدوهم.
والله الهادي إلى سواء السبيل. .ح.م

                                    المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية