حديث التقريب: انتظار المهدي -عليه السلام- يجمعنا

حديث التقريب: انتظار المهدي -عليه السلام- يجمعنا

والمهدي هو الإمام المنتظر الذي بشّر رسول الله(ص) بظهوره «فيملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً». فكرة انتظار المهدي من تلك الأفكار المهمّة الإسلامية التي جعلتها ظروف تاريخية ومصلحية فردية وسلطوية في إطار مذهب معين وإن كانت على المستوى النظري قد امتلأت بها كتب الصحاح والمسانيد والسنن وسائر المجاميع الحديثية من أهل السنة والشيعة.
 
انتظار المهدي يعني الأمل في مستقبل العدل والقسط في العالم، يعني سيادة القيم الإلهية في أرجاء المعمورة، يعني رفض روح التشاؤم واليأس والقنوط على الساحة البشرية حتى في أحلك الظروف وأقساها وأشدها ظلماً وجوراً، يعني أن المستضعفين في الأرض يجب أن يعدّوا أنفسهم لأن يكونوا «أئمة» وأن يكونوا «الوارثين».
 
ولو ألقينا نظرة على أحاديث المهدي، لوجدنا أن جمعاً من الأعلام قديماً وحديثاً نصوا على أنها متواترة، والتواتر لا يتوفر في الحديث إلا إذا كان مروياً عن جمع غفير من الصحابة. وممن وردت أسماؤهم من رواة هذا الحديث ورفعوه إلى النبي(ص) في أمهات الحديث النبوي من السنن والمعاجم والمسانيد لدى أهل السنة:
علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبدالله، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن عباس، وعمار بن ياسر، وعبدالله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وثوبان، وقرة بن اياس المزني، وعبدالله بن الحارث، وأبو هريرة، وخديفة بن اليمان، وجابر بن عبدالله، وأبو أمامة، وعبدالله بن عمر، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، وأم سلمة.
 
واللافت للنظر أن علماء السنة نصوا على أن المهدي «هو آخر الخلفاء الراشدين الاثنى عشر الذين أخبر عنهم النبي صلوات الله وسلامه في الصحاح» كما ورد في جواب رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة جواباً على سؤال مسلم كيني عن المهدي المنتظر».
 
وفي هذا الجواب وردت أيضاً عبارة: «ونص الحفاظ والمتحدثون على أن أحاديث المهدي فيها الصحيح والحسن ومجموعها متواتر مقطوع بتواتره وصحته. وأن الاعتقاد بخروج المهدي واجب وأنه من عقائد أهل السنة والجماعة، ولا ينكره إلا جاهل في السنة ومبتدع في العقيدة».
 
الأمل في مستقبل البشرية مسألة اهتمت بها حتى المدارس الفكرية الأرضية، ولعلها نابعة من توجّه فطري لدى الانسان. فالماركسية بشرت بالمجتمع الشيوعي الذي هو في رأيها ذروة تكامل مسيرة البشرية، والرأسمالية بشّرت بالمجتمع اللبرالي الديمقراطي باعتباره نهاية ما تصبو اليه البشرية في مستقبل أيامها كما نظّر لذلك فوكوياما في كتابه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير».
 
ولابدّ للمسلمين من إحياء مبدأ ظهور المهدي عليه السلام ليكون الاطروحة الإلهية لمستقبل البشرية. فذلك ما يحيى أمل المؤمنين في المستقبل، ويقدم المشروع البديل للفكر المادي بهذا الشأن.
 
وبعد، فإن قضية المهدي المنتظر يجب أن تخرج من الإطار المذهبي لتتحول إلى قضية إسلامية بل إنسانية لدى جميع من يتطلع إلى غد أفضل للبشرية عامة وللعالم الإسلامي بشكل خاص. إنها مثل كثير من قضايانا الإسلامية التي تستطيع أن تجمعنا إذا أخرجناها من الإطار الطائفي، مثل قضية إحياء ذكرى عاشوراء، وقضية زيارة مراقد أهل بيت رسول الله(ص)، وحديث الثقلين، وحديث الغدير، بل حتى مشروع «ولاية الفقيه» وفقه الإمام الصادق(ع).
 
إذ هي مما يجمع المسلمين، لا ما يفرق بينهم كما يحاول ذلك وعاظ السلاطين وقى الله المسلمين شرورهم.
 
محسن الاراكي
الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية