المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية - الشؤون الدولية

ذكرى رحيل العلامة فضل الله "علم من أعلام التقريب والوحدة"

ذكرى رحيل العلامة فضل الله "علم من أعلام التقريب والوحدة"

ذكرى رحيل العلامة فضل الله

في هذا الأسبوع (4 يوليو-تموز) مرت علينا ذكرى رحيل علم من أعلام التقريب والوحدة هو العلامة محمد حسين فضل الله.. إنه رجلَّ قضى عمره لتحقيق الأهداف الرسالية الحضارية وعلى رأس هذه الأهداف السعي المتواصل لوحدة الأمة اﻻسلامية والتقريب بين مذاهبها.

كان حضاريًا رساليًا في نظرته المقاصدية للعلوم اﻻسلامية.
وكان حضاريًا رساليًا في فهمه للحالة الطائفية في عالمنا الإسلامي.
وكان حضاريًا رساليًا في فهمه لطبيعة الساحة اللبنانية وللتحديات التي تواجه العالم الإسلامي.
وكان حضاريًا رساليًا في موقفه من الثورة اﻻسلامية في إيران ومن جبهة المقاومة ومن حزب الله بالذات.

لقد استوعبت قضية مكافحة الطائفية مساحة كبيرة من حياة الفقيد وفكره. وكان يرى أن النعرات الطائفية تعود إلى حالة التخلف في عالمنا الإسلامي. ويقول: إن الاختلاف بين السنة والشيعة حين يتخذ حالة صراع طائفي فإنه يستمد جذوره من حالة التخلف التي تفرز الحالة العشائرية في المجتمع. الصراع الطائفي هو أقرب مايكون عندئذ بين عشيرة الشيعة وعشيرة السنة!!

كانت رؤية السيد فضل الله لأحداث لبنان والعالم الإسلامي تنطلق من فهم عميق للملابسات الداخلية والخارجية في خلق الأحداث، ويحذّر من الوقوع في فتن يخطط لها المستكبرون. يقول:
«نطل في هذه الأيام على مرحلة جديدة من مراحل الاستهداف الاستكباري للمنطقة العربية والإسلامية حيث يُراد التركيز على لبنان كواجهة جديدة من واجهات هذه المرحلة، فلبنان الذي كان نموذجًا في التصدي للاحتلال الإسرائيلي والذي استطاع طرد هذا الاحتلال من البوابة الأمنية والعسكرية المباشرة يراد له أن يدخل مرة أخرى في العصر الأمريكي.

إن معالم هذه المرحلة - وتحت عنوان نشر الديمقراطية في المنطقة كما يتحدث بذلك الرئيس الأمريكي بوش- الصعبة والمعقدة بدأت تتوضح أكثر في الإمعان الأمريكي بالتدخل في تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية اللبنانية، وفي ترتيب أمريكا لعلاقاتها مع أوروبا على أساس أن يكون لبنان محطة من محطات هذا الترتيب بما يؤمن للمشروع الغربي الاستكباري فرصًا جديدة للامتداد بعدما اصطدم بأكثر من مأزق في فلسطين وفي العراق.

ولذلك فإنما ينبغي علينا في الساحة الإسلامية أن نعي بأن المشروع الاستكباري لا يستهدف جهة بعينها ولا حتى دولة لوحدها، ولا يريد أن يُفاضل بين الجهات السياسية والطائفية على أساس قناعته بالإجحاف الذي يلحق بهذه الجهة أو تلك الطائفة، بل يريد لهذه الجهة أو تلك ولهذا العنوان أو ذاك أن يكون أداته للدخول إلى ساحاتنا الداخلية من نوافذها السياسية بعدما تم إخراجه منها بجهد المجاهدين وعرق العاملين وسعي الدعاة
والمؤمنين الواعين.

ونحن في الوقت الذي نريد فيه للوحدة الإسلامية أن تكون سلاحنا الأمضى لا على مستوى الشعار فحسب، بل على مستوى الممارسة والأداء، نريد للعاملين في ساحة هذه الوحدة أن يعملوا للسهر على حمايتها ورعايتها في مقابل خطط المستكبرين وعبث العابثين وجهل الجهلة والتكفيريين.

إن ذلك يستدعي من العلماء أن يعملوا في نطاق خطاب إسلامي وحدوي تصالحي يعمل على مراعاة مصلحة الأمة العامة ولا يتوقف عند التعقيدات المذهبية والسياسية الخاصة. كما يستدعي منهم العمل في نطاق ما تفرضه مصلحة الأمة لا في نطاق المصالح الذاتية أو ردات الفعل التي تنشأ بفعل الأحداث والأوضاع التي تنطلق هنا وهناك، ذلك مساهمة في تعميق دعائم الوحدة الوطنية وتثبيت دعائم السلم الأهلي على جميع المستويات.

 إن المرحلة خطيرة وصعبة ودقيقة، لذلك فمن المفترض بمن يشعر بثقل المسؤولية وبالأمانة التي حمّلنا إياها الرسول الأكرم (ص) بأن نهتم بأمور المسلمين وأن نتداعى للسهر على قضاياهم وأوضاعهم، أن لا ننكفئ من الساحة وأن لا نكون صدىً لحركة الشارع بل أن ننطلق جميعًا لنجعل حركة الشارع منسجمة مع التطلعات العامة للأمة.

إننا أمام تعقيدات المرحلة من جهة وخطورة ما تتحرك به الغرائز من جهة ثانية نؤكد على أهمية أن ينطلق العلماء داخل الساحة الإسلامية ليوجهوا الناس نحو النقاط المشتركة التي تمثل أهم عنصر من عناصر التماسك، وأن تنطلق الأخوة الإسلامية والمحبة الإيمانية لتواجه الحقد والعداوة والفرقة. وإن يتحرك العقل في مواجهة كل العصبيات والانفعاليات والغرائزيات...» (انتهى كلام السيد فضل الله).

لقد قرن رضوان الله تعالى عليه خطابه التنظيري بعمل واسع لتقديم أنواع الخدمات التي من شأنها أن تجعل الإنسان يحسّ احساسًا كاملاً بأن المشروع الإسلامي يهتم بكل قضاياه وأموره.

دخل ساحة التعليم فأسس المدارس بمختلف مستوياتها.
ودخل الساحة الصحية فأسس المستشفيات والمستوصفات.
ودخل ساحة الرعاية اﻻجتماعية فأسس مراكز رعاية الأيتام.
ودخل الساحة الإعلامية فأسس محطات إذاعية وتلفزيونية هادفة.
لم يترك مجالاً للخدمات اﻻجتماعية والإنسانية والثقافية إﻻّ ودخله بصورة فاخرة ومتميزة.
ساهم في حركة التوعية منذ أن كان في النجف الأشرف ثم واصل ذلك حتى آخر لحظة من حياته.
فسلام عليه يوم ولد ويوم التحق بالرفيق الأعلى ويوم يبعث حيًا.
 
 
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية