فاطمة الزهراء عليها السلام؛ قدوة النّساء والرّجال

فاطمة الزهراء عليها السلام؛ قدوة النّساء والرّجال

السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و حبيبته التي خصها الله عز و جل بخصائص فريدة فبلغت مقاماً رفيعاً حتى صارت سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين.
 
من أشهر هذه الألقاب: الزهراء، الصديقة، المحدَّثة،البتول، سيدة نساء العالمين، المنصورة، الطاهرة، المطهّرة، الزكية، المباركة، الراضية، والمرضية. كما حملت العديد من الكنى: أم أبيها، أم الأئمة، أم الحسن وأم الحسين وأم المحسن.
 
والمشهور إنما سمّاها النبي "فاطمة"؛ لأنّ اللَّه فَطَمها ومحبيهاأو ذريّتها ووُلدها، عن النار. وأشهر ألقابها الزهراء، وقد تسمّى به غالباً، ويقترن مع اسمها أحياناً، فيقال فاطمة الزهراء أي: النور الساطع والضياء اللامع، ودُرَّة زهراء بمعنى بيضاء صافية.
 
حياة فاطمة الزهراء عليها السلام
 
تُعدّ الزهراء (ع) الرابعة أو الخامسة -على قول- من أولاد النبي، وأمّها السيدة خديجة، هي أولى زوجات النبي (ص). وقد أجمع المؤرخون أنّ مولدها كان في مكة وبالتحديد في بيت السيدة خديجة، الواقع في زقاق العطارين وزقاق الحجر بالقرب من المسعى. 
 
وقد ولدت سلام الله عليها وعمرُ النبي عليه الصلاة والسلام خمسة وثلاثون كما روى الواقدي عن طريق أبي جعفر الصادق نقلاً عن العباس، كما قيل إنّها ولدت بعد واحد وأربعين من مولد النبي الكريم كما نقل أبو عمر عن عبيد اللَّه بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي.
 
زواج الإمام علي من فاطمة الزهراء عليهما السلام، من أحداث سنة 2 هـ، ويدّل هذا الزواج أيضاً على مكانة الإمام علي عليه السلام عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث لم يكن كفواً غيره؛ ليزوّج ابنته فاطمة عليها السلام به.
 
اولاد السيدة فاطمة عليها السلام
 
اتفقت كلمة الباحثين على أن كلاً من الحسن، والحسين، وزينب، وأم كلثوم،[ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 69، ص 176] هم أولاد الزهراء وعلي بن أبي طالب عليهما السلام.
 
نبذة من فضائل السيدة الزهراء عليها السلام
 
كانت السيدة الزهراء (ع) ضمن من خرج بهم الرسول (ص) لـمباهلة نصارى نجران بالإضافة لزوجها الامام علي (ع) وابنيهما الحسنين عليهم السلام و خصّتها سورة الكوثر وشملتها آيات التطهير والإطعام ووردت في حقّها وفضيلتها أحاديث لولاك والبضعة.
 
قد ذكرت فضائل عديدة للزهراء ع في كتب الحديث والتاريخ والتفسير وغيرها، کـ "العصمة والطهارة" ووفقا لكثير من الروايات المنقولة لدى الشيعة والسنة، فإن فاطمة هي ممن أطلق عليها لقب أهل بيت العصمة والطهارة.؛ وقد وردت أيضاً روايات تدل على أن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها فتقول: يا فاطمة، الله اصطفاك وطهّرك على نساء العالمين... فكانت تحدّثهم ويحدّثونها، لهذا یقال بالسيدة فاطمة "الزهراء المحدّثة" والمحدّث هو الذي يعلم الأشياء من خلال الطرق التالية: 1- الإلهام والإلقاء في القلب. 2- أن يلقى في روعه حقائق الاشياء. وكذلك عرف المحدّث بأنه الذي يسمع الصوت ولا يرى‏ ولا يعاين الملك..
 
كان الرسول صلی الله عليه و آله يحبّ ابنته ويحترمها حباً واحتراماً قلّ نظيره، ويدل على هذه العلاقة، حديث معروف للنبي (ص) منها: "يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها"، أو: فاطمة "بِضعة مني" و: "من سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني".
 
صفات فاطمة الزهراء سلام الله عليها
 

 من صفات السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها هی "الحياء الشديد": من المواقف التي تدل على حيائها خوفها من أن يصفها ثوبها بعد مماتها، لذلك عملت لها أسماء بن عميس رضي الله عنها نعشاً حتى كانت أول من اتخذ النعش من النساء، كما طلبت من أسماء أن تغسلها وأن يكون معها زوجها علي علیه السلام فقط، وألا يدخل عليهما أحد.
 
و من صفاتها أيضاً، "القناعة والرضا بالقليل": كانت فاطمة الزهراء سلام الله عليها غير طامحة في متاع الحياة، والعيش الرغيد، على الرغم من أنّها كانت ابنة سيد المرسلين، فكان زواجها مثالاً على ذلك الخلق حيث كان مهرها درعاً، ومتاعها وسادة من أدم حشوها ليف، وسرير مشروط، وقربة، كما كانت في بيتها تقوم بأعمال البيت جميعها وتطحن خبزها بنفسها.
 
و "عبادتها": كانت الزهراء(ع) تقوم اللّيل وتصوم النهار، متضرّعةً خاشعة بين يدي الله، وقد اشتهر عنها مدى تقواها وتواضعها وزهدها وعلمها بين الناس جميعاً، حتى شكّلت القدوة في كلّ شيء.
 
نشاطات الزهراء الاجتماعية

الزّهراء سلام الله عليها تحمّلت وكانت ناجحة في كلّ تجاربها وهي في ريعان الشّباب، وتخلّت عن ذاتيّاتها، وكانت تخدم في بيتها، وتخدم أبيها قبل ذلك، وكانت تساعد أباها في الحروب، وكانت تعلم النسوة، وتكتب وتخطب وتمارس دورها الاجتماعي والسياسي كأفضل ما يكون، قائلة للمرأة على مرّ الدّهور إنها كائنة مخلوقة لله، لها هدف، وعليها تسخير طاقاتها وحضورها في كلّ الساحات، فتكون المجاهدة والمربّية والمعلّمة والملتزمة بالحقّ والمدافعة عنه.
 
من جملة فعاليات الزهراء الاجتماعية -بعد الهجرة إلى المدينة- تمريض النبي على إثر الجراحات في غزوة أحد،[ابن كثير، السيرة النبوية، ج 3، ص 58] وتواجدها في حفر الخندق،[الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 1، ص 43] وفتح مكة إلى جانب أبيها،[الواقدي، المغازي، ج 2، ص 530] غير أن عمدة مواقفها من الأحداث السياسة تتعلق بما بعد وفاة الرسول(ص) في الفترة القصيرة المتبقية من حياتها.
 
وفاة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها
 
وقد اتفقت كلمة المؤرخين على أنّها توفيت سنة 11 للهجرة، وإنما اختلفوا في تحديد شهره ويومه، والمشهور بين المؤرخين والمحدّثين الشيعة أنّها استشهدت فی الثالث من جمادى الآخرة، ومستند هذا القول، رواية عن أبي عبد الله الصادق (ع)، وذهب البعض إلى القول بأنه حدث في 13 من شهر ربيع الثاني، وروي بأنها قُبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة، فذهبت جماعة من الباحثين إلى القول بأنّها عاشت بعد أبيها 40 يوماً وتراوحت الأقوال ما بين 40 و100 يوم، والمشهور 75 يوما وتدل عليه كثير من الروايات.
 
تراث فاطمة عليها السلام
 
إن كلمات الزهراء ونمط حياتها في الشؤون المعنوية و الاجتماعية والسياسية قد أصبحت تراثاً ملفتاً، وتعد صلاتها وتسبيحاتها، ومصحفها وخطبتها الفدكية من ضمن هذا التراث الذي تناولته المصادر وكتب السيَر.
 
وعندما ندرس النصوص التي تركها لنا التاريخ عن كلماتها وخطبها، ونتعمَّق في دراسة الخصائص الموجودة في هذه الخطب من الناحية الثقافية، فإننا نجد أنها كانت تملك ثقافة التوحيد، وثقافة النبوّة، وثقافة حركية الإسلام وانطلاقاته، وثقافة الواقع الاجتماعي الذي كان المسلمون يعيشونه، وثقافة الجدال في القضايا التي أثيرت آنذاك للاستدلال بالقرآن في محكم آياته.
 
وهذا التراث يتمتع بمضامين متنوعة ويشتمل على مواضيع عقَدية وأخلاقية، منها ما يتعلق بالحياة الإجتماعية. وقد وردت بعض من رواياتها في كتب الشيعة والعامة وبعض آخر دُوّنت كمؤلفات مستقلة تحت عناوين: "مسند فاطمة" و"أخبار فاطمة". وقد فُقد عدد من هذه المسانيد على مرّ الزمان، ولا أثر لها غير ذكر أسماء رواتها وكتّابها في كتب علم الرجال والفهارس، والتراجم..
 
مصحف فاطمة: وهو كتابٌ يحتوي على أسرار سمعتها الزهراء من جبرئيل، أو أحد الملائكة المقرّبين، وقام علي (ع) بكتابتها.
 
تسبيحات الزهراء: وهو الذكر الذي علمها النبي وفرحت السيدة الزهراء بتعلّم ذلك.[الصدوق، علل الشرائع، ج 2، ص 366] وقد تعرضت المصادر من كلا الفريقين لهذا الذكر الشريف وكيف تعلمته فاطمة، وأيضاً مواظبة علي (ع) عليه بعد أن سمعه، في كل الأحوال..
 
صلاة فاطمة الزهراء: هي تلك الصلاة التي علّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو جبرئيل. وأشارت إليها النصوص الروائية وكتب الأدعية.

اعداد وتدوين : فرشته صديقي