وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- وردت في الرأي آثار تذمه وآثار تمدحه والمذموم هو الرأي عن هوى والممدوح هو استنباط حكم النازلة من النص على طريقة فقهاء الصحابة والتابعين وتابعيهم برد النظير إلى نظيره في الكتاب والسنة . وقد خرج الخطيب غالب تلك الآثار في " الفقيه والمتفقه " وكذا ابن عبد البر مع بيان موارد تلك الآثار . والقول المحتم في ذلك : إن فقهاء الصحابة والتابعين وتابعيهم جروا على القول بالرأي بالمعنى الذي سبق " أعني استنباط حكم النازلة من النص " وهذا من الإجماعات التي لا سبيل إلى إنكارها وقد قال الإمام أبو بكر الرازي في " الفصول " بعد أن سرد ما كان عليه فقهاء الصحابة والتابعين من القول بالرأي : " إلى أن نشأ قوم ذو جهل بالفقه وأصوله لا معرفة لهم بطريقة السلف ولا توقي للإقدام على الجهالة واتباع الأهواء البشعة التي خالفوا بها الصحابة ومن بعدهم من أخلافهم فكان أول من نفى القياس والاجتهاد في أحكام الحوادث إبراهيم النظام وطعن على الصحابة من أجل قولهم بالقياس ونسبهم إلى ما لا يليق بهم والى ضد ما وصفهم الله به وأثنى به عليهم - بتهوره وقلة علمه بهذا الشان - ثم تبعه على هذا القول نفر من المتكلمين البغداديين إلا أنهم لم يطعنوا على السلف كطعنه ولم يعيبوهم لكنهم ارتكبوا من المكابرة وجحد الضرورة امرا بشعا فرارا من الطعن على السلف في قولهم بالاجتهاد والقياس وذلك أنهم زعموا أن قول الصحابة في الحوادث كان على وجه التوسط والصلح بين الخصوم لا على وجه قطع الحكم وإبرام القول فكأنهم قد حسنوا مذهبهم بمثل هذه الجهالة وتخلصوا من الشناعة التي لحقت النظام بتخطئته السلف . ثم تبعهم رجل من الحشو جهول يريد - داود بن علي - لم يدر ما قال هؤلاء ولا ما قال هؤلاء وأخذ طرفا من كلام النظام وطرفا من كلام متكلمي بغداد من نفاة القياس فاحتج به في نفي القياس والاجتهاد مع جهله بما تكلم به الفريقان من مثبتي القياس ومبطليه وقد كان مع ذلك ينفي حجج العقول ويزعم أن العقل لا حظ له في إدراك شيء من علوم الدين فأنزل نفسه منزلة البهيمة بل هو أضل منها اه " وأبو بكر الرازي أطال النفس جدا في إقامة الحجة على حجية الرأي والقياس بحيث لا يدع أي مجال للتشغيب ضد حجيته فالرأي بهذا المعنى وصف مادح يوصف به كل فقيه ينبئ عن دقة الفهم وكمال الغوص ولذلك تجد ابن قتيبة يذكر في " كتاب المعارف " الفقهاء بعنوان أصحاب الرأي ويعد فيهم الأوزاعي . وسفيان الثوري . ومالك بن أنس Bهم وكذلك تجد الحافظ محمد بن الحارث الخشني يذكر أصحاب مالك في " قضاة قرطبة " باسم أصحاب الرأي . وهكذا يفعل أيضا الحافظ أبو الوليد بن الفرضي في " تاريخ علماء الأندلس " وكذلك الحافظ أبو الوليد الباجي يقول في شرح حديث الداء العضال من " الموطأ " في صدد الرد على ما يرويه النقلة عن مالك في تفسير الداء العضال : ولم يرو مثل ذلك عن مالك أحد من أهل الرأي من أصحابه " يعني من أهل الفقه من أصحاب مالك " إلى غير ذلك مما لا حاجة إلى استقصائه هنا .
وبهذا يتبين أن تنزيل الآثار الواردة في ذم " الرأي عن هوى " في فقه الفقهاء وفي ردهم النوازل التي لا تنتهي إلى انتهاء تاريخ البشر إلى المنصوص في كتاب الله وسنة رسوله إنما هو هوى بشع تنبذه حجج الشرع وأما تخصيص الحنفية بهذا الإسم فلا يصح إلا بمعنى البراعة البالغة في الاستنباط فالفقه حيثما كان يصحبه الرأي سواء كان في المدينة أو في العراق وطوائف الفقهاء كلهم إنما يختلفون في شروط الاجتهاد بما لاح لهم من الدليل وهم متفقون في الأخذ بالكتاب والسنة والإجماع والقياس ولا يقتصرون على واحد منها . وأما أهل الحديث فهم الرواة النقلة وهم الصيادلة كما أن الفقهاء هم الاطباء كما قال الأعمش فإذا اجترأ على الإفتاء أحد الرواة الذين لم يتفقهوا يقع في مهزلة كما نص الرامهرمزي في " الفاصل " وابن الجوزي في " التلبيس " و " أخبار الحمقى " والخطيب في " الفقيه والمتفقه " على نماذج من ذلك فذكر مدرسة للحديث هنا مما لا معنى له ( 1 ) قال سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي في شرح " مختصر الروضة " - في أصول الحنابلة : " واعلم أن أصحاب الرأي بحسب الإضافة هم كل من تصرف في الأحكام بالرأي فيتناول جميع علماء الإسلام لأن كل واحد من المجتهدين لا يستغني في اجتهاده عن نظر ورأي ولو بتحقيق المناط وتنقيحه الذي لا نزاع في صحته وإما بحسب العلمية فهو في عرف السلف " من الرواة بعد محنة خلق القرآن " علم على أهل العراق وهم أهل الكوفة أبو حنيفة ومن تابعه منهم وبالغ بعضهم في الشنيع عليه واني والله لا أرى إلا عصمته مما قالوه وتنزيهه عما إليه نسبوه وجملة القول فيه : إنه قطعا لم يخالف السنة عنادا وإنما خالف فيما خالف منها اجتهادا بحجج واضحة ودلائل صالحة لائحة وحججه بين أيدي الناس موجودة وقل أن ينتصف منها مخالفوه وله بتقدير الخطأ أجر وبتقدير الإصابة أجران والطاعنون عليه إما حساد أو جاهلون بمواقع الاجتهاد وآخر ما صح عن الإمام أحمد Bه إحسان القول فيه والثناء عليه ذكره أبو الورد من أصحابنا في " كتاب أصول الدين " اه .
وقال الشهاب بن حجر المكي الشافعي في " خيرات الحسان " : ص . 3 : " يتعين عليك أن لا تفهم من أقوال العلماء - أي المتأخرين من أهل مذهبه - عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم أصحاب الرأي أن مرادهم بذلك تنقيصهم ولا نسبتهم إلى أنهم يقدمون رأيهم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا على قول أصحابه لأنهم برآء من ذلك ثم بسط ما كان عليه أبو حنيفة وأصحابه في الفقه من الأخذ بكتاب الله ثم بسنة رسوله ثم بأقوال الصحابة ردا على من توهم خلاف ذلك ولا أنكر أن هناك أناسا من الرواة الصالحين يخصون أبا حنيفة وأصحابه بالوقيعة من بين الفقهاء وذلك حيث لا ينتبهون إلى العلل الفادحة في الأخبار التي تركها أبو حنيفة وأصحابه فيظنون بهم أنهم تركوا الحديث إلى الرأي وكثيرا ما يعلو على مداركهم وجه استنباط هؤلاء الحكم من الدليل لدقة مداركهم وجمود قرائح النقلة فيطعنون في الفقهاء أنهم تركوا الحديث إلى الرأي فهذا النبز منهم لا يؤذي سوى أنفسهم . وأما ابن حزم فقد تبرأ من القياس جملة وتفصيلا فحظ أبي حنيفة وأصحابه من شتائمه مثل حظ باقي الأئمة القائلين بالقياس . والقاضي أبو بكر بن العربي ممن قام بواجب الرد عليه في " العواصم والقواصم " وليس لابن حزم شبه دليل فيما يدعيه من نفي القياس غير المجازفة بنفي ما ثبت من الصحابة في حجة القياس وغير الاجتراء على تصحيح روايات واهية وردت في رد القياس والغريب أن بعض أصحاب - المجلات - ممن لم ينشأ نشأة العلماء اتخذ مجلته منبرا يخطب عليه الدعوة إلى مذهب لا يدري أصله ولا فرعه فألف قبل عشر سنوات رسالة في " أصول التشريع العام " وجمع فيها آراء ابن حزم في نفي القياس وآراء بعض مثبتيه على طريق غير طريق الأئمة المتبوعين وآراء أخرى لبعض الشذاذ يبني مذهبه على ما يعده مصلحة فقط وإن خالف صريح الكتاب والسنة فصار بذلك جامعا لأصول متضادة تتفرع عليها فروع متضادة لا يجتمع مثلها إلا في عقل مضطرب وما هذا إلا من قبيل محاولة استيلاد البشر من البقر ونحوه فترى ابن حزم يحتج في نفي القياس بحديث " نعيم بن حماد " الذي سقط نعيم بروايته عند جمهرة النقاد وليس ابن حزم على علم من ذلك وهذا مما يعرفه صغار أهل الحديث من المشارقة وهو حديث قياس الأمور بالرأي وفي سنده أيضا " حريز الناصبي " وان كان الصحافي - المتمهجد - يجعله : جريرا ويزيد على حجة ابن حزم حجة أخرى وهي حديث : سبايا الأمم في " ابن ماجه " ويرى - الصحافي - أنه حسن مع أن في سنده " سويدا " وفيه يقول ابن معين : حلال الدم . وأحمد متروك الحديث وفيه أيضا ابن أبي الرجال وهو متروك عند النسائي ومنكر الحديث عند البخاري ويتصور فريقين من الفقهاء أهل رأي وأهل حديث وليس لهذا أصل بالمرة وإنما هذا خيال بعض متأخري الشذاذ أخذا من كلمات بعض جهلة النقلة بعد محنة أحمد وأما ما وقع في كلام إبراهيم النخعي . وبعض أهل طبقته من القول : بأن أهل الرأي أعداء السنن فبمعنى الرأي المخالف للسنة المتوارثة في المعتقد يعنون به الخوارج والقدرية والمشبهة ونحوهم من أهل البدع لا بمعنى الاجتهاد في فروع الأحكام وحمله على خلاف ذلك تحريف للكلم عن مواضعه فكيف والنخعي نفسه وابن المسيب نفسه من أهل القول بالرأي في الفروع رغم انصراف المتخيلين خلاف ذلك . ويحاول ابن حزم أن يكذب كل ما يروى عن الصحابة في القياس لا سيما حديث عمر مع أن الخطيب وغيره يروون عنه بطرق كثيرة بألفاظ متقاربة وكذا عن باقي الصحابة قال الخطيب بعد أن روى حديث معاذ في اجتهاد الرأي في " الفقيه والمتفقه " : وقول الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ يدل على شهرة الحديث وكثرة رواته وقد عرف فضل معاذ وزهده والظاهر من حال أصحابه الدين والثقة والزهد والصلاح وقد قيل : إن عبادة بن نسى رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة على أن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم اه . ومثله بل ما هو أوفى منه مذكور في فصول أبي بكر الرازي وقد سبقت كلمته في " نفاة القياس " وليس هذا موضع بسط لذلك فليراجع فصول أبي بكر الرازي . و " الفقيه والمتفقه " - للخطيب من أراد معرفة طرق الروايات القاضية على مجازفات الظاهرية وأذيالهم ولعل هذا القدر كاف هاهنا .
_________ .
( 1 ) تنبيه على رد ما قاله بعض أهل العصر في بعض كتبه . " البنوري "